٥— وقد صفا الزمان للملك العادل١ فأصبح ملك الشام ومصر معاً، وخضع له أولاد أخيه صلاح الدين (۱۲ رجب ٦٣٥هـ)، إلا ابن عمه الناصر داود. فقد خرج هذا عن طاعته، وسار من الكرك، فاستولى على السواحل، وعلى غزة (٦٣٥ هـ) وخطب لنفسه فيها. ثم تحالف الملك الصالح نجم الدين؛ على أن تكون ديار الشام والشرق له (أي للناصر)، وديار مصر للصالح. ولما وصل الخبر إلى الملك العادل انزعج. فأمر بخروج الدهليز السلطاني والعساكر. وكتب إلى الصالح عماد الدين أن يخرج من دمشق بعساكره، فخرج. وخاف الملك الصالح والملك الناصر التقاء عساكر مصر والشام عليهما. فرجعا من غزة إلى نابلس ومنها الناصر من سارا إلى الكرك ليتحصنا فيها.
وكاد الملك العادل يتغلب على الاثنين معاً، لولا أنه وقع نفور شديد بينه وبين امرأته، بسبب سوء تدبيره؛ فتآمروا على خلعه، وخلعوه.
فصفا للملك الناصر والملك الصالح الجو، واقتسما البلاد كما تحالفا. غير أنهما عادا فاختلفا. وجرت وقعة بين أمراء الملك الصالح أيوب المقيمين في غزة وبين الناصر، كسر فيها أصحاب الملك الصالح. ولكنهما عادا فاصطلحا، ورحل الناصر عن غزة.
٦— وفي سنة ٦٣٩هـ قدم الأمير ركن الدين الطون بغا الهيجاوي من القاهرة إلى دمشق. وكان الملك الصالح نجم الدين قد بعثه في شهر رمضان إلى الناصر داود؛ ليصلح بينه وبين الملك الجواد، حتى يبقى على طاعة الملك الصالح نجم الدين. فلما وصل إلى غزة هرب إلى دمشق، وأخذ معه جماعة من العسكر؛ ولحق الجواد بالفرنج، وأقام عندهم.
۷— ثم اصطلحت الحال بين السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبين المنصور صاحب حمص، والناصر صاحب حلب، واتفقت كلمتهم. فبعث السلطان إلى الناصر صاحب حلب رسالة٢ طلب فيها منه تسليم الصالح اسماعيل، فلم يجب إلى تسليمه. وأخرج السلطان عسكراً كبيراً قدم عليه الأمير فخر الدين يوسف بن