تاريخ الحرية الفكرية ۱۱۹ يناصبهم العداء . وقد ذكرنا في مقالتنا : ا عن ( حرية الفكر » انه لو شاء الدفاع عن نفسه كما يجب لنجا من ذلك الحكم بدون شك ولكنه اظهر بطولة عظيمة فلم يرض الرجوع عن فكره وفضل الموت على حياة يرى نفسه فيها مقيد الفكر والضمير . ان سلوك سقراط البارد تجاه المحكمة واستصغاره اياها يجعل المؤرخ يقلل من لومها ، غير أنه لا يستطيع ان يبررها ابداً . فلن تزال قضية سقراط النقطة السوداء الوحيدة في تاريخ اثينة الفكري. ومع ذلك فان : (۱) تحمل الآثينيين لآراء سقراط سنين طويلة ( اذ جلب الى المحاكمة في السبعين من عمره مع انه بدأ بتعليم الفلسفة منذ زمن بعيد ) . (۲) وتحقق كون سبب محاكمته سياسياً وشخصياً لا دينياً محضاً . (۳) والاقلية الساحقة ( ان صح التعبير ! ( التي طلبت براءته تدل دلالة صريحة على درجة الحرية الفكرية التي كانت سائدة في ذلك الزمان . ومما يؤيد ان السياسة اصبعاً في اغلب المحاكمات قضية ارسططاليس الذي هجر آثينة بعد سبعين سنة من موت سقراط على اثر تهديد السلطة له بمحاكمته عن الكفر . هذا التهديد انتقاده لشخص منتسب لحزب سياسي هناك . وسباب ان الحرية الفكرية الزائدة التي كانت سائدة في بلاد الاغريق قديما سببت ظهور فلسفات مختلفة تستقي من مصدر واحد ألا وهو ( محادثات سقراط ) . ولاشك في ان افکار افلاطون و ارسططا ليس والرواقيين والريبيين اثرت تأثيراً عظيماً في رقي البشر اكثر من اي حركة عقلية مستمرة اخرى حتى نشوء العلم الحديث وظهور الطور الجديد للحرية . لقد كان ايقوروس ( ٣٤١ - ٢٧٠ ق . م . ) مادياً يفسر العالم
صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol. 3-4, 15-9-1924.pdf/16
المظهر