الأدب والفنون الإحساسات اشتات العناصر والنعوت التي يقدمها اليك ويعرضها عليك . فالفرق من هذه الوجهة بين التصوير والشعر هو ان للتصوير لحظة في الفضاء وللشعر لحظات في الزمن، اي ان المصور في مقدوره ان ينقل لك المنظر الذي رآه وراقه كما هو كائن في الطبيعة ولكن الشاعر لا قبل له بذلك ولا طاقة له عليه. وانما يسع الشاعر ان يفضي اليك « بوقع » هذا المنظر وبما يثيره في النفس من والمعاني والذكر والآمال والآلام والمخاوف والخوالج على العموم باوسع معاني هذا اللفظ . وعلى العكس من ذلك . يسع الشاعر ان يصف لك الحركات المتعاقبة في الزمن وان يحضرها الى ذهنك ويمثلها لخاطرك وذلك مالا سبيل اليه في التصوير . وليس من همنا ان نستقصي حدود الفنون وان نقيم ما بينها من الفواصل العديدة والفروق الكثيرة وان نبين ما يدخل في دائرة كل منها. ولكن الذي تقصد اليه هو ان تقول اجالا ان الحدود التي تقيمها طبائع الاشياء مقياس اولي يكفي المبتدي ليستطيع ان يقول هل من الميسور ان ينجح هذا الشاعر او المصور فيما يعالج ؟ وماذا عسى ان يبلغ من نجاحه فيما يزاول ? والى اي درجة من الاجادة يسعه ان يوفق ? فاذا رأى شاعر ايحاول ان يتخذ من قلمه ريشة مصور أو آلة فوتغرافية كان له ان يوقن انه مخفق لا محالة . واذا رأى مصوراً معنياً بإن يرسم لك على اللوح حركات متتابعة في الزمن او وقع المشاهد في النفس فان من حقه أن يجزم بان الفشل نصيبه . وإلى هنا يتبين ان للمصور نقل المنظور وان للشاعر وصف الوقع والحركات المتتابعة لا تصوير المنظر، فابن يكون مجال الموسيقي مثلا بين هذين ؟ ونحسب ان ليست بنا حاجة الى التنبيه الى اننا اذ نذكر الموسيقي لا نعني الشرقية منها او المصرية اذ كانت هذه لا نزال في الواقع شعبة من الشعر او الرقص لا فتاً
صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol. 3-4, 15-9-1924.pdf/10
المظهر