صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/8

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٦
الحرية

هكذا وجدتنا في هيكل الماضي امام اصنام التاريخ وعمد القدم من جبابرة الأجيال الغابرة . نعفر وجوهنا امامهم وتسبى عقولنا بمظاهر عظمتهم وتفوقهم، فيتحول الاكبار والتعظيم الى رهبة تبعدنا حتى عن اشباحهم، وهكذا نظل جاهلين حقيقتهم تمام الجهل، بل نغيب عن حواسنا ازاءهم، فلا نمود قادر بن على ادراك سر تلك العظمة وذياك النبوغ، ولا تقوى بعدهـا على الاتعاظ بالعبرة التي يجب ان نتعلمها من حياة اولئك الماضين . وبتصاغرنا امام عظمتهم الخيالية تنسى مكاننا فنضيع حقيقتنا ولا تحدثنا نفسنا بالتشبه بهم او احتدائهم او الجري على سننهم

والذي اوقعنا في هذه المهواة هم مؤرخونا ولكي نكون منصفين تقول معظم مؤرخينا، الذين لم يراعوا للحق سلطانا فيما كتبوا ودونوا، نقد قاموا للماضين في اسفارهم الضخمة نصباً منتفخة ومثلوهم لنا كتماثيل مهيبة، نصبوها في اقصى موضع حيث لا يمتد بصرنا الضعيف اليه وجلونا على التضاؤل حيال تلك النصب والتمرغ على ارض النسيان امام تلك والتماثيل .

من هنا فعلم ان مؤرخينا اساؤوا الى الاقدمين من حيث ارادوا الاحسان اليهم،وظلمونا بتضليلنا،فيقينا تائهين في هيكل الماضي، لا ندرك الحاضر ولا نتخيل المستقبل حتى في الحلم .

وقد عرف رجال النهضة العلمية الحديثة هذه الاخطاء،فنه وا اليها، الاان ما نحن فيه من جود،صم آذائنا عن سماع تلك الأصوات التي عددناها منكرة لاننا لم تتعود أمثالها، حتى قامت منا جماعة في العهد الاخير، أوقفهادرس العلم الصيام عند باب الحق، فطرقته، فاتفتح أمامها على رحيه، ودخلت حظيرة التاريخ النبرة وصارت تدعونا اليها .