صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/67

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
روح الفرد وروح الجماعة

عبداً من عبيد قصص الف ليلة وليلة نفرك خاتماً او زراً فيظهر منقاداً صاغراً.

ما أبعدنا عن الإنسان الأول الفرد نحن الذين طوينا الأرض ومساحتها بقطار وسيارة ودراجة فلم تعد نحسب للأبعاد حسابا ولا تجزع للمسافات... ما أبعدنا عن الإنسان الأول الفرد نحن الذين خضنا في بحر كل فرع من العلوم ففتحنا صدفاته واستخرجنا درره المكنونة فزينا بها جيد الإنسانية. ما أبعدنا عن الإنسان الأول الفرد نحن الذين لم نترك بابا للبحث والتنقيب عن أسباب الحضارة والترفيه والتقدم إلا طرقناه ولم نسمع بطريق للعمران إلا نهجناه فقدت البشرية غادة حسناء تجر ذيل العز وتصعر خد الكبر والفخر بعد أن كانت طفيلية ضعيفة علوية تتضور جوعا وتتلهف ظمأ.

وما سبب هذا سير الإنسانية نحو الامام ?

ما سبب هذا التقدم من الضعف الى القوة ومن العازة الى العز ?

ما العامل الأول الذي دفع الانسان من حالته الأولى فرفعة الى حالة الانسان العصري ?

كثيرة هي العوامل وعديدة الدوافع ولكني افتش على اعمقها ، على أساسها ، على اصلها.

قبل الجواب، اليكم بعض المقدمات ينتج عنها الجواب عفواً.

لقد تواتر على السن الجميع ان الطبيعة ام انا.

إن في هذا التعبير لغلطا مبينا. أو إذا أطريتم على هذه التسمية فينبغي أن تقروا أن هذه الأم غريبة الأطوار. ويا ما أغرب إما لا تطعم أبناءها إلا إذا جرى عرقهم مدرارا وهم يشقون أحشاءها ليستخرجوا طعامهم منها، يا ما أغرب أما عندها من الأسرار ما يكفي أحدها لإسعاد بنيها وقد حجبت عنهم بحرف عظيم هذه الأسرار تكتمها، فدون البوح بواحد منها خرط القناد.