صفحة:-عبد المتعال الصعيدي- تاريخ الإصلاح في الأزهر-1943.pdf/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الغزالى فى مواضع من الإحياء، وإن ما زاد على الواجب من تلك العلوم مما يحصل به زيادة التمكن فى القدر الواجب فتعلمه فضيلة ، ولا يدخل في علم الهيئة الباحث عن أشكال الأفلاك والكواكب وسيرها علم التنجيم المسمى بعلم أحكام النجوم ، وهو الباحث عن الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية ، فإنه حرام كما قال الغزالى ، وعلل ذلك بما محصله أنه يخشى من ممارسته نسبة التأثير للكواكب ، والتعرض للإخبار بالمغيبات ، مع كون الناظر قد يخطىء لخفاء بعض الشروط ، وأما الطبيعيات وهى الباحثة عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغييرها - كما في الإحياء في الباب الثانى من كتاب العلم - فإن كان ذلك البحث على طريق أهل الشرع فلا منع منها ، كما أفاده العلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي في جزء الفتاوى الجامع للمسائل المنتشرة بل لها حينئذ أهمية بحسب أهمية ثمرتها ، كالوقوف على خواص المعدن والنبات المحصل للتمكن فى علم الطب ، وكمعرفة عمل الآلات النافعة فى مصلحة العباد ، وإن كان على طريقة الفلاسفة فالاشتغال بها حرام ، لأنه يؤدى للوقوع في العقائد المخالفة للشرع، كما أفاده العلامة المذكور ، نعم يظهر تجويزه لكامل القريحة الممارس للكتاب والسنة ، للأمن عليه مما ذكرنا ، قياسا على المنطق المختلط بالفلسفة ، على ما هو المعتمد فيه من أقوال ثلاثة ، ثانيها الجواز مطلقا ، ونسبه الملوى في شرح السلم للجمهور ، وثالثها المنع مطلقا ، ونسبه صاحب السلم لابن الصلاح والنووى ، قال الملوى : ووافقهما على ذلك كثير من العلماء . ولما كان الأمام النووى ممن يقول فى المنطق بالمنع مطلقاً مشى على نظير ذلك في الطبيعة ، فعد في كتاب السير من الروضة من العلوم المحرمة علوم الطبيعيات بدون أن يفصل ، لكن حيث يعتمد التفصيل هناك فلنعتمده هنا ، إذ لافرق فى ذلك ، فإن مظنة الضرر والنفع موجودة في كل منهما ، والظاهر أن موضوع كلام الروضة ما كان على طريقة الفلاسفة ،