صفحة:-عبد المتعال الصعيدي- تاريخ الإصلاح في الأزهر-1943.pdf/32

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

رفاعة بك وإصلاح الأزهر

وإنما قام بهذا فى ذلك العهد رجلان : أحدهما كانت له صلة قديمة بالأزهر ثم انقطعت صلته به ، وهو رفاعة بك رافع الطهطاوى ، وثانيهما لم يكن له صلة بالأزهر ، بل لم يكن من أهل مصر، وهو جمال الدين الأفغاني:

فأما رفاعة بك فقد ابتدأ حياته بطلب العلم في الأزهر، وكان من تلامذةالشيخ حسن العطار ، بل كان من أكثر هم ملازمة له ، وأقربهم مجلسا منه، ولما انتهى من عهد الطلب اشتغل سنتين بالتدريس فى الأزهر ، ثم وقع عليه اختيار محمد على باشا ليسافر إلى أوربا مع بعثة علمية من بعثاته إليها ،وكانت مهمته فيها أن يصلى بأفرادها ، ويعلمهم أحكام دينهم ، فلما جاء وقت سفره ذهب إلى أستاذه الشيخ حسن العطار - كما جاء في كتابه تخليص الإبريز فى تلخيص باريز - ايزوده بنصائحه وإرشاداته ، فنصحه بأن يقوم بتدوين كل ما يراه فى تلك البلاد العجيبة ، وأن يعنى بدراسة العلوم التي نبغوا فيها ، وكانت سبب قوتهم ونهضتهم، ليقوم بنقلها إلى اللغة العربية ، فيستفيد أهلها منها ، وينهضوا بها كما نهض أهل أوربا 1

وكان لهذه النصيحة أثرها فى نفس رفاعة بك ، فتعلم اللغة الفرنسية ، ودرس تلك العلوم التى نصحه أستاذه الشيخ العطار بدراستها ، ثم عاد إلى مصر وهو يحمل روحاً قوية تدفعه إلى النهوض ببلاده، ولكنه أثر أن يشتغل تحت لواء مصلح مصر - محمد على باشا - ولم يعد إلى التدريس في الأزهر كما كان قبل أن يسافر إلى فرنسا ، فكان من أقوى دعائم الإصلاح ، حتى استفادت من الكتب التى ألفها أو ترجمها ما لم تستفده من في مصر غيره ، وقد عرف محمد على باشا وإسماعيل باشا له قدره ، فولياه فى عهدهما المناصب التي تليق به ، ولم يزل يترقى فيها حتى صار مديراً لمدرسة الألسن ،

  1. تخليص الإبريز في تلخيص باريزي من ٤