صفحة:-عبد المتعال الصعيدي- تاريخ الإصلاح في الأزهر-1943.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ۲۲ –

هذا أحسن حالا من أهل الأزهر الذين حاربوها بعده باسم الدين ، لا لشيء إلا أنها أتت بشكلها الجديد من أوربا ، وهى تخالفنا في الدين .. وكذلك موقفه من كتب المتأخرين، لأنه فيه خير من أولئك الذين لا يزالون يتشبثون بتلك الكتب ، ويحسنون الظن بما فيها من علم ، ولكنا لا نوافقه فيها أراده من اختيار كتب المتقدمين بدلها ، وكان عليه أن يعتبر بما أحدثه أهل أوربا من التجديد فى العلوم الرياضية ، ويعلم أن علومنا في حاجة إلى مثل ذلك التجديد ، وأن كتب المتقدمين لا تقوم بهذه الحاجة ، وإن كانت أحسن حالا من كتب المتأخرين .

وما كان للشيخ حسن العطار وقد أدرك حاجة الأزهر إلى الإصلاح أن يقف منه ذلك الموقف الضعيف ، وأن يكتفى بذلك الصوت الخافت الذى أرسله في مواضع يصعب العثور عليها من حاشيته على شرح جمع الجوامع ، بل كان يجب عليه أن يجهر بذلك الصوت بين جنبات الأزهر ، لينبه أهله من غفلتهم ، ويوقظهم من رقدتهم ، ويرشدهم إلى الخطر المحدق بهم، ويجعلها حرباً عواناً تقوم بينه و بين أنصار الجمود في الأزهر ، وما كان أقربها حينئذ إلى النصر ، وإلى تعجيل الأخذ بالإصلاح ، ليأتي في الوقت الذي كان يجب أن يأتى فيه ، ولا يتأخر حتى يقع المحذور ، ويؤخذ المسلمون بذنب إهمالهم ، فإذا نهضوا إلى الإصلاح نهضوا متثاقلين ، وإذا ساروا فيه اصطدموا بالعراقيل التي يضعها أعداؤهم في طريقهم ، ليستمروا في جمود هم و تأخرهم .

موازنة بين الشيخ العطار ومحمد على باشا

وأين الشيخ حسن العطار في ذلك الموقف الضعيف من ذلك الجندى الشجاع - محمد على باشا - فإنه حين أدرك حاجة مصر إلى الإصلاح شمر له عن ساعده ، وأخذ يعمل فيه بكل حزم وعزم ، فمن استجاب له باللين أخذه به ، ومن لم يستجب له إلا بالقوة أخذه بها ، فكان يلجأ أحياناً إلى