صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/97

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الفنون الجميلة ضرورية

د تعودنا أن أن الفنون الجميلة من الكماليات التي يأتي دورها بعد العلم والصناعة في الأهمية وفي مقالكم المشار إليه تقولون إن علينا أن نبدأ بالفنون الجميلة والرياضة التعلم الإرادة والعمل ، فهل لكم أن تنيروا الطريق لنا بالتوفيق بين القولين ..

  • * *

الحق يا صاحبي أنا في عصر نحتاج فيه إلى غربلة وافية لجميع الألفاظ التي لهجنا بها زمنا في مطلع نهضتنا الحديثة ، ومنها ألفاظ الضروريات والكماليات وتقديم الأم على المهم والمفاضلة بين العلوم والفنون ، وسائر هذه المحفوظات التي خلت من المدلول لكثرة تكرارها واكتفاء الآذان بسماعها دون التفكير فيها . فمن الواجب « أولا » أن نفرق بين الفرد والأمة فيا هو من الشؤون الضرورية وما هو من الشؤون المالية . فالفرد لا يشترط فيه أن يستوفي جميع المزايا الإنسانية والملكات الحية ، وليس من اللازم ولا من المستطاع أن يكون قوية وذكيا وجميلا وعال وشاعرة وصانعا وغنياء وسائسا زعيما ومفكر مقتدی به ، و إماما متبها في مطالب الحياة كافة . ولكن إذا اجتمع عشرون مليون فرد في قطر واحد من الضرورى - وليس من الكمالى - أن تتوافر بينهم جميع المزايا الإنسانية والملكات الحية التي تتفوق في الأفراد، و إلا كان النقص دليلا على مسخ ذريع في التركيب و عجز شائع في عناصر الطباع . ويستوي هنا أن يكون الناقص لعبا أو جدا ، وفن أو علما ، وخلق أو رأيا ، فإنما المهم أن الملايين العشرين يتسعون لكل مزية عرفت في بني الإنسان، وإلا كانوا ناقصين في الضروريات الأمة، وإن كانت معدودة بالقياس إلى الفرد من الكماليات والنوافل . }