صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/67

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

1891 ومن تلك الأسباب أن الصحف اليومية كانت منها صحف تصدر في أربع وعشرين صفحة أو عشرين ، وصحف تصدر في ست عشرة صفحة ولا تقل عنها ، وكانت إلى جانبها صحف أسبوعية تصدر في أربعين صفحة وتزيد عليها في بعض الأسابيع . فنقص كل ذلك نقصاناً بيناً بغير تدريج طويل ، وأصبح الحد الأقصى للصحيفة اليومية في أكثر الأيام أربع صفحات ، وعم النقص سائر الصحف والمجلات فأوشكت أن تصدر في ثلث عدد صفحاتها قبل الحرب الحاضرة . وكل هذا النقص تقابله زيادة في وقت القراءة عند من تعودوا مطالعة الصحف والمجلات في حجمها الأول ، ولا بد لهذا الوقت من شاغل يناسبه ويجرى في مجراه . و إلى جانب النقص في الصفحات ألف الناس الأخبار التي لا يعرض لها كثير من التنويع والمفاجأة ، وندرت المناقشات السياسية التي يشتد فيها الجذب والدفع والتأييد والتفنيد ، و ينشط القراء إلى متابعتها بحاسة التشيع تارة إلى هـذا وتارة إلى ذاك ، فأصاب القراء شيء من الفتور إلى جانب النقص في المادة المقروءة لو أنهم نشطوا إليها . t

  • * *

ومع هذا كله كثر الوقت الذي يتسع للقراءة لانصراف الناس عن السهر في خارج البيوت ، إما لتقييد الإضاءة أولقلة الجديد في دور الصور المتحركة ودور التمثيل ومع هذا وذاك كثرت النقود بين الأيدى وتيسر شراء الكتب بالأثمان التي أوجبها غلاء الورق وغلاء تكاليف الطباعة ، وقال الخبراء بشئون الاقتصاد إن كثرة النقود في الآونة الحاضرة دليل على رخاء صحيح وليست من عوارض التضخم التي تنشأ أحياناً من شيوع العملة الورقية ، إذ الناس يبيعون محصولاتهم وتبقى معهم أثمانها في داخل البلاد ، خلافا لما كان يحدث قبل سنوات من تصريف هذه الأثمان إلى خارج القطر بالسفر أو باستجلاب البضائع الأجنبية . فهذه الأثمان المحفوظة في البلاد