صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ev - على أن البيت الذي قيل إن المتنبي خالف فيه هذه السنة لا يدل بمعنى من معانيه على أنه قد نسى فيه الكبرياء أو نسى عادة الاستصغار فهو يقول في وصف الليلة التي ضاق بها : أحاد أم سداس في أحاد لييلتنا المنوطة بالتنـــــــادي ومن الميسور أن يلحظ القارىء لهجة التأفف في تصغيره تلك الليلة المبرمة كأنه يستكبر أن يعروه الضيق من ذلك الشيء الصغير ، و إن لج به المطال وهبه مع ذلك كان ينوى التعظيم والتقديس لتلك الليلة المبرمة ولا ينوى أن يتأفف منها ويستكثر عليها أن تبرمه وتثقل عليه ، فهل كلمة في قصيدة واحدة تبطل عشرين كلة في عشرين قصيدة ! ؟ وهل يحصل كل هذا لأجل خاطر « النفسيات » قدس الله سرها وبارك في عمرها ! ولقد كان كثيراً من كاتب المقال الذي أشار إليه الأديب صاحب الخطاب أن التحقير والتكبير في صيغة التصغير يتساويان ! فأما أن يقول إن التحقير هو الممتنع الذي لا يعقل، وأن الاستصغار من جانب المتكبر المطبوع على الكبرياء هو الغريب المريب فتلك نفسيات الله درها من نفسيات !! وفنون حماها الله من فنون !! وما نشك في أن الأديب « محمد جابر » رجل يريد أن يضحك ولا يريد في الحقيقة تفسيراً لما هو غنى عن التفسير ؛ فإن لم يجد شبعه من الضحك في طراز تلك النفسيات ومعرض تلك الفنون فغاية ما عندي من القول أن المتنبي رحمه الله لم يشرفنى بأمانة سره ، ولم يطلعنى على دخائل صـدره ، فإذا كان قد ذكر لبعضهم أنه لم يولع بالتصغير لقصد التصغير فهو وذمته فيها ادعاه ، وللأديب عليـه اليمين الحاسمة إن تردد في قبول دعواه ! . أما نحن فغاية ما نعلمه أن المتنبي كان رجلا متكبراً ، وأن المتكبر يستصغر النـاس فلا عجب أن يولع بصيغة التصغير . وهذا حسبنا وحسب القارىء فيما زعمناه . أن يزعم 6