صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–١٧–

قال الأستاذ أحمد الصاوي: «… المهندس هو الذي جلس أمام لوحه الخشبي، ورسم على الورق أقصى ما يخطر بالبال من خيال الأهوال: تصور الموت نفسه أمامه وتحداه بالحديد والنار، فرسم الطيارة ورسم الدبابة ورسم الغواصة، ثم عاد فرسم لكل آلة من هذه عناصر دمار جديدة، فلم يكتف بنوع واحد من الطيارات والدبابات»

«… هذه هي رسالة المهندس والكيميائي يعملان جنبًا إلى جنب، هذا هو الحاضر، وهذا هو المستقبل، فإلى الشباب المصري الذي يريد الأدب، ويتعلق بالقصص ويحب الشعر نقول: استيقظ، لقد دقت ساعة الحقائق، فانصرف إلى العلم بكل قواك …»

فهل الهندسة هي التي صنعت هذا الصنيع؟

لو كانت الهندسة هي التي صنعته لكان أولى المهندسين به هم أصحاب الاختراع من الإنجليز والفرنسيين: هم الذين اخترعوا الدبابة، وشغلوا بتحسين الطيارة في الوقت الذي أقبل فيه الألمان على المناطيد من أيام زبلين وخلفاء زبلين.

فعند الإنجليز والفرنسيين مهندسون كالمهندسين الذين عند الألمان، بل هم المهندسون السابقون المتفوقون في هذا الميدان.

ولكن «البواعث النفسية» هي التي جلست وراء المهندس، فأوحت إلى الهندسة في أمة حاقدة ما لم توحه إلى الهندسة في أمة مطمئنة راضية.

والبواعث النفسية هي كل شيء.

هي الحياة، وكل ما عدا ذلك فهو أدوات وآلات.

***

والآن وقد ظهرت الدبابات الضخام، هل يستطيع قائل أن يقول: إن قلة الهندسة عند الفرنسيين والإنجليز هي التي أقلت نصيبهم من تلك الدبابات الضخام، أو هي التي تمنعهم أن يخترعوا مثلها، أو يخترعوا لها آفة تقضي عليها وتفلها على نحو ما يقولون: إن الحديد يفله الحديد؟