صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/245

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۳۷ وهنا مشكلة ليست بالهيئة كذلك من مشكلات الزواج ، لأنها مشكلة التوفيق بين الهوى والواجب ، أو بين النظر القريب والنظر البعيـد ، وهي المشكلة الخالدة في حياة الإنسان .

ومن المشكلات في هذا الباب أن الزوج الأمثل لامرأة لا يلزم أن يصبح زوجاً أمثل لامرأة أخرى . فالرجل في الأربعين زوج أمثل لامرأة في حدود الثلاثين ، والرجل الذي فيه صلابة زوج أمثل للمرأة التي فيها شكاسة، والرجل الحليم المتشد زوج أمثل للمرأة المتعجلة الرعناء ، ولكنهم يختلفون ولا يتوافقون هذا التوافق ، فإذا هم أسوأ الأمثلة للأزواج وأقلهم أملا في الرفاء والوفاء .

والبيت مشكلة المشاكل في العصر الحديث . ( ففي العصور الماضية كانت المسافة قريبة جداً بين العالم البيئي والعالم الخارجي ،) وكانت الملاهي الخارجيـة أشبه شيء بملاهي المنادر في البيوت مع قليل من التوسع والتعميم . فلم يكن من العسير أن تتفق معيشة الأسرة ومعيشة المحافل الساهرة ولوكانت محافل لهو وانطلاق . ( أما اليوم ، فالمسافة بعيدة جداً بين عالم البيت والعالم الخارجي ) لأن المناظر التي يراها الساهر في العالم الخارجي لا يراها في بيته ولوكان من أهل السعة واليسار ، وإنما نشأ هذا . عن اختراع الآلات التي تعمل للألوف وألوف الألوف ولا تقصر عملها. على جماعات من الناس يعدون بالعشرات كما كانت محافل اللهو في العصر القـديم . وليس من المعقول أن تنفق الشركات مليون ريال على منظر سيناء يدار في مندرة أو بهو أو قصر كبير بضع ساعات ؛ ولا نعرف اختراعاً من هذه الاختراعات وأفق الحياة البيتية غير المذياع الذي يسهل اقتناؤه في الصغير والكبير من البيوت ، وهو وحده يغنى عن سائر الأفانين التي تتنوع في محافل السهرات . لا 6