صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/215

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۰۷ - الذي يستعجزون أبناء عصرنا عن الإتيان بنظيره ؟ فإن لم يكن كتاب فما هو الموضوع ، و إن لم يكن موضوع فما هو المقال أو الجملة أو العبارة ! ولو كلفوا أنفسهم سؤالا كهذا م كفة الميزان وعلموا أن الجاحظ ومن هم أكبر الجاحظ يحتاجون لمالت معهم إلى أن يتتلمذوا على أناس من المتخلفين ، وقلما يعتزون بمزية واحدة لا يعد لها نظير من مزايا التأخرين . ( وأعجب من ذلك حديثهم عن الموصلى وابراهيم بن المهدى ومن جرى مجراها المطربين في العصور الأولى ، فماذا سمعوا من هذا أو ذاك ؟ ومن أين لهم أن الموصلي يبلغ شأو سلامه حجازي أو السيد درويش أو أم كلثوم فضلا عن السبق الذي لايجاری والبون الذي لا يدرك ؟ من أما أنا فأغلب الظن عندي أن الأمر معكوس ، وأن ألحان الموصلى لا تعـدو أن تكون مزيجا من تنغيم البدو وصبغة الحضارة المستعارة والآلات الناقصة ، وكل ما يأتى على هذا الخط معروف الأصول معروف النطـاق ، وإن يكن معروفاً بحروف النوطة وأصوات السماع . كذلك ينسى المتشائمون أن ينقصوا عناصر الشهرة في العصور القديمة قبل أن يعقدوا المقارنة بينها و بين نظائرها في العصور الحديثة . فدع أنهم ينسون أن يرجعوا إلى وقائع قائد مثل يوليوس قيصر أو الإسكندر المقدوني أو چنگيز خان قبل أن يرجحوهم في فنون الحرب على فوش وهند نبرج ومصطفى كمال ، . .. ولو أنهم رجعوا إلى تلك الوقائع لما أكبروا من شأن الانتصار فيها كل ذلك الإكبار. : ودع أنهم ينسون أن كل حرب لا بد فيها من ظافر ومن مهزوم ، وأن الظفر وحـده ليس بشيء إن لم ننظر معه إلى عوامله ودواعيه ونتبين أنها صالحة للتكرار في كل وقعة وكل حين . ودع أنهم ينسون أحكام المصادفات والعوارض وأنها تندر في الزمن الحديث وتكثر في الزمن القديم .