صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/201

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۹۳ – ولكل لغـة صعوباتها التي لا يتساوى الناس في تذليلها ولو زالت صعوبات الرسم والكتابة جمعاء . فلا بد من فارق في اللغة بين المتعلم وغير المتعلم ، و بين الموهوب وغير الموهوب ، و بين صاحب السليقة والدخيل عليها . وليست لغتنا العربية بدعاً بين اللغات في هذه الخاصة العامة . . . فمهما نصنع في تيسير رسمها أو قواعـدها فلن نسوى بين الناس في كتابتها وقراءتها ، ولن نغنى الكاتب أو القارىء عن المزيد من الاستيفاء كلما ارتفع درجة أو درجات في مراتب الفهم والشعور والتعبير . ولهذا ينبغي أن نيسر كتابتها بتيسير معرفتها وتيسير فهمها ، مع التسليم طوعا أوكرها بأن هـذا التيسير لن يدفع كل عسر ، ولن يزيل كل لبس ، ولن يعصم الخطأ كل العصمة ، ولن يزال الباب بعده مفتوحا للتفاوت بين قدرة الناس على الصواب واستعدادهم للخطأ من جهل أو سهو أو قصور . و إذا قيل أي العلاجين أدنى إلى تيسير الكتابة ؛ فلا شك أن العلم التقريبي بالقواعد التي تقيم النطق خير من الرسم الذي يقرأ على صورة واحدة مع بقاء صور متعددة للكلمة تختلف باختلاف حظوظ الكتاب من قواعد الصرف والنحو والإملاء والهجاء ، وهذا إن صح أن الحروف اللاتينية تضمن القراءة على صورة واحدة ، وهو غير صحيح ، لأن جرس الحروف اللاتينية يخالف جرس الحروف العربية في المخارج والحركات وتوقيت الكلمة في أثناء نطقها ، وهو شيء في صميم اللغـة كالمعنى ورسم الكتابة على السواء . وأسلم ما يقال في هذا الباب إن الطريقة القائمة لا تزال أسهل وأقرب إلى بنيـة اللغة من كل مقترح علمنا به ، ولا مانع من جديد يستدرك ماعز استدراكه إلى الآن . ( ع - ۱۳۰