الشجاعة الأدبية
كتبت مقالا أحي ذلك الروح الإنساني الكبير الذي رحل عن الدنيا رحيل رومان رولان . وقد كان للأدباء على ذلك المقال تعقيب يشبه الإجماع ، ويتفق كله على تحية ذلك الكاتب العظيم . إلا رسالة واحدة ينزع صاحبها منزعة يخالف ما سمعت ، وما تلقيت من الآراء في رومان رولان ، وفيها كتبت عنه . . وخلاصتها أن الأوربيين في حاجة إلى أمثال رومان رولان لقدرتهم على العدوان و إيغالهم فيه ، ولكننا نحن الشرقيين أحوج ما نكون إلى التربية الحربية التي نعالج بها الضعف المقيم ، وتحمي بها الحوزة المهددة ، و إننا ينبغي أن نتعلم كل ما يحرضنا على منازلة الأعداء ومقاومة المعتدين ، ونترك تلك الرسالة التي يبشر بها رومان رولان وأمثاله ، حتى يحين موعد الحاجة إليها بیننا نحن الشرقيين . $
- * *
رأى فيه شبهة من الصواب ، ولكنها شبهة من الصواب وليست بالصواب في اللباب . لأن الأديب المعترض قد التبس عليه الأمر بين مذهب رومان رولان ، . ومذهب أولئك القعديين الذين عرفوا في أوربا باسم « الضمير بينه من قولهم « إن ضميري يأبى على حمل السلاح ولو دفاعا عن الأوطان . » فليس رومان رولان من هؤلاء ولا هو ممن ينكرون الحرب حين يفرضها الحق والواجب على المدافعين ، ولكنه ينكر البغضاء في سبيل الزهو والطمع ، ويرى أن يكون السلاح آخر ماییمد إليه الإنسان لعلاج أزمات السياسة ، بعد أن تنفد وسائل الحسني وحيل السلام . 6