صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/164

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<11071 أن تشعر طبقة الأجراء والصناع خاصة بوجودها وانعزالها عن سائر الطبقات الاجتماعية الأخرى ، ولا يتفق ظهور هذا الوعي إلا بعد شيوع الصناعات وازدحام المدن بجماعات الصناع وتعاقب بينهم وبين أصحاب الأموال . ومصر لم تعرف وعى الطبقات على هذا المعنى ، ولم يبد من بوادره فيهـا إلا أثر ضعيف لا يعتمد عليه في توجيه الحركات الاجتماعية . فالعاملون في الزراعة لاتتألف منهم وحدة كالوحدة التي تتألف من ألوف العمال الذين يشتغلون في مصنع واحد ومدينة واحدة ، ولا يندر في الريف المصرى أن يكون العامل في الأرض من أبناء عمومة المالك الكبير أو من ذوى قرباه ، ومعظمهم يعتزون بنسبهم هذا أكثر من اعتزازهم بعصبية الطبقة الفقيرة التي لا يحسبون أنفسهم منهـا ، و إن كانوا فقراء . والعاملون في المدن لا تتألف منهم تلك الوحدة القوية التي توجد مع الصناعات الكبرى واتصال تلك الصناعات بمرافق الأمة بأسرها ، وقد ظهرت بينهم تلك البوادر التي لم تظهر بعد بين عمال الزراعة فهم يشعرون بطبقتهم و يبحثون عن حقوقهم ، ولكنهم لم ينتظموا في حركتهم على النحو الذي يهيىء لهم ولاية الحكم أو المشاركة فيه » . إذن نحن في مصر بعيدون عن الاشتراكية الماركسية ، وبعيدون شيئا ما عن الاشتراكية الديمقراطية . ولكن لا ننس مع هذا أن الاشتراكية تجيء إلينا إذا جلسنا في أماكننا وانتظرناها ، ولا نعرف طريقها إذا نحن سبقناها إلى منتصف الطريق . فبعد الحرب الحاضرة لن تبقى أمة واحدة على وجه الأرض بغير تسوية مشروعة بين العمال وأصحاب الأموال ، وستفرض هذه التسوية فرضاً بالنظم الدولية التي تقرها كبار الأمم وتتفق على تنفيذها ، وربما كان إنصاف العمال شرطاً من شروط الانتظام في جماعات أم الحضارة كما كان الاعتراف بالنقابات شرطاً من شروط الدستور الذي قامت عليه عصبة الأمم بعد الحرب الماضية .