صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/152

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- 144 - وهذه هي « المناولة » التي يحسنها الدجالون من أعداء الديمقراطية ، ويسمونها علاجاً لمشكلة الأرزاق ، وتسوية بين الطبقات ، وليست هي من ذلك في كثير ولا قليل خير من كل علاج كهذا العلاج أن يقوم المجتمع على تعاون الطبقات ، فيفرض المعونة على القادرين لينتفع بها الضعفاء حقاً مفروضاً لهم في رقاب الأمة أو الدولة وأن يفتح للفقير باب السلم فيصعد عليه إلى الدورة حيثما استطاع ، وأن يتسابق العاملون في ميدان الحياة كما يتسابق الأحرار ولا يستكينوا فيها كما يستكين العبيد . فالكرامة الإنسانية تأبى أن تحل مسألة الأرزاق كما حلتها مصالح السجون في العالم المتمدن بأسره : كل مسجون ينام وهو شبعان ، وكل مسجون له عمل يحرك به يديه ، وكل مسجون يكسو جسده ويأوى إلى سقف يظله و يعرض نفسه على طبيب ولكنه لا يحسد على هذا النصيب والعقل الإنساني يأبى أن تحل مسألة الأرزاق بالإكثار من مصانع الذخيرة ی , والسلاح ، لأن علاج البطالة بالموت والخراب طب مجانين إنما الكرامة والعقل أن نحفظ الحرية وأن نطلب الرزق مع الحرية ، وأن نؤمن بأن أخطاء الديمقراطية في تدبير مسألة الأرزاق أسلم من صواب مزعوم لا يثبت على التجربة برهة حتى يعصف بكل ما أفاد ، إن صح أنه أفاد . ا مقام