صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/133

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٢٥ - وهي حالة متكررة يحسها كثيرون ويسجل وقائعها أناس من المتدينين وغير المتدينين . وأشهر القائلين بها في عصرنا كاتب أمريكي ملحد هو أبتون سنكلير Upton Sinclair يقيم التجارب التي تثبت النظر على البعد أو الشعور على البعـد ، ويسجل فيها سجل مجار به مع زوجته حيث كانا يجلسان في مدينتين بعيدتين ويحيط بكل منهما شهود كثيرون منهم المنكرون ومهم المصدقون ، فيطلب إليه بعضهم شكلا هندسيا وأن يوجـه شعوره إلى امرأته لترسم مثله في تلك اللحظة ، و يطوى الرسمان حتى يعلنا بعد ذلك فيتفق في كثير من الأحوال أن يتشابها في الخطوط و إن اختلفا في الأبعاد كما يختلف المثلث الكبير والمثلث الصغير مع اتفاق الزوايا والنسب الهندسية . أن يرسم هذه التجارب يقول بها و يسجلها و يعلنها في الكتب السيارة رجل قلنـا إنه لا يقصد من كلامه تبشيراً بعقيدة أو خدمة لمذهب اجتماعي ، لأن مذهبه الاجتماعي يقوم على « الفهم المادي » للتاريخ ولا يحوجه إلى التبشير بهذه الهبات النفسية ، بل لعله ينفره منها ويحبب إليه السكوت عنها . ر واعتقادنا في « التلباني » أنه هبـة نفسية جائزة لاتناقض العقل ولا يمنعهـا العلم بدليل - لأنها تستند إلى الحس ، ولا فرق بينها و بين هبات الحس التي تباشرها كل يوم إلا في طول المسافة ، وهو فرق اعتباري غير قاطع بين حالة وحالة : إذ من ذا الذي يستطيع أن يقول أن الحس ينتهى عند هذه المسافة ولا يجوز عقلا أن يتعداها ويذهب الى ماوراءها ! إننا نرى كل يوم في العصر الحاضر أن صوتاً يصدر من أمريكا أو اليابان ويسمع في مصر كما يسمع فيها حديث الجلساء . ولولا المذياع لعددنا من يزعم هـذا الزعم ممخرقا يعبث بعقول سامعيه . فإذا جاز سماع الصوت على هذه المسافات الشاسعة بجهاز من الأجهزة المصنوعة