صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٣

وقبائل من غطفان، فأرسل له أبو بكر خالد بن الوليد في جيش من المسلمين، وأرسل خالد أمامه طليحة عُكاشة بن محصن الصحابي المشهور، وثابت بن أقرم حليف الأنصار فوقعا على جيش لطليحة وهو معهم فاقتتلا معهم فاستشهدا فقال في ذلك طليحة مفتخرًا بقتله عكاشة وثابتًا:

فما ظنكم بالقوم إذ تقتلونَهم
أليسوا وإن لم يسلموا برجال
فإن تك أذوادٌ أصِبْنَ ونسوة
فلن يذهبوا فِرْغًا بقتل حبال1
نصبت لهم صدرَ الحبالة إنها
مُعوَّدة قيل الكُماة تَزَالِ
فيوما تراها في الجِلال مصونةً
ويومًا تراها غيرَ ذات جِلال2
عشية غادرت ابنَ أقرم ثاويًا
وعكاشة الغُنْمِىَّ عندَ مجالِ

فلقيهم خالد فهزمهم، وهرب طليحة إلى الشام ثم تاب وأسلم في خلافة عمر، وقدم مُحرِمًا بالحج فرآه عمر، فقال له: إني لا أحبك بعد قتلك الرجلين الصالحين عكاشة وثابتًا، فقال طليحة: هما رجلان أكرمهما الله بيدي، ولم يِهنِّى بأيديهما، وحسن إسلامه وحضر القادسية وفتوح العراق مع المسلمين وذكر له أصحاب المغازي فيها مواقف عظيمة، وقد كتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص: انظر عمرو بن معد يكرب وطليحة فاستعن بهما في حربك وشاروهما؛ فإن كل صاحب صنعة أعلم بصنعته.

وقال جابر بن عبد الله: لقد اتهْمنَا ثلاثةَ نفر فما رأينا كما هجمنا عليه من أمانتهم وزهدهم طليحة وعمرو بن معد يكرب، وقيس بن مكشوح، وأرسل سعد هؤلاء الثلاثة في حرب القادسية يستكشفون له العدو فساروا 


  1. فرغا: فارغين، حبال: هو ابن أخيه عرض عليه الإسلام وهو شاب فأبى وقال «اقتلوني ولا تروني محمدكم فإنه لا حاجة لي فيه» فقتلوه.
  2. في رواية الواقدي (ويوما تراها تحت ظل عوالي).