صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/4

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣
لا تنفري يا ناقُ منه فإنه
شِرِّيبُ خمر مِسْعَرٌ لحروب
لولا السِّفار وطولُ قَفرٍ مَهْمَهٍ
لتركتها تَحْبو على العُرقوبِ1

وكان بنو فِراس رهطه أنجدَ العرب، الرجُل منهم يَعْدِل عشرة من غيرهم وفيهم يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل الكوفة: من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب أبدلكم الله بي مَن هو شرٌّ لكم وأبدلني بكم من هو خيرٌ منكم ودِدت والله أن لي بجميعكم وأنتم مائة ألف ثلاثمائة من بني فراس بن غنْم.

قال أبو عبيدة: خرج دُريْدُ بن الصِّمة في فوارس من بني جُشَم يريدون الغارة على بني كِنانة حتى إذا وصلوا واديًا لهم، وجدوا رجلًا في ناحية الوادي معه ظعينة لما نظره دُريد قال لفارس من أصحابه: صِحْ به خَلِّ عن الظعينة وأنج بنفسك فانتهى إليه الفارس وصاح به وألحَّ عليه فألقى زمام الناقة وقال للظعينة:

سيرى على رِسلك سيرَ الآمن
سير رَدَاح ذاتِ جاش ساكنِ2
إن التأنّي دون قِرنى شائني
ابلي بلائي واخْبُرِي وعَايِنِي

ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه فأعطاه الظعينة فبعث دُرَيْد فارسًا آخر لينظر ما صنع الأول فلما انتهى إليه ورأى ما صنع صاح به فتصامم عنه كأن لم يسمع فظن أنه لم يسمع فغشيه فألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ثم أقبل إليه وهو يقول:

خَلِّ سبيل الحرَّة المنيعهْ
إنك لاقٍ دونها ربيعهْ

  1. المهمه: المفازة البعيدة والبلد المقفر
  2. رداح: ثقيلة الأوراك.