صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٥

استرسالها إلى الموت حيث يحمد فعلها دون خوف وكان صلى الله عليه وسلم منهما بالمكان الذي لا يجهل قد حضر المواقف الصعبة، وفرَّ الكماة والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يتزحزح، ومقبل لا يدبر، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرَّة وحفظت عنه جولة سواه قال البراء رضي الله عنه وقد سأله رجل: أفررتم يوم حنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، ثم قال: لقد رأيته على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أنا النبي لا أكذب أنا ابن عبد المطلب»، فما رئيَ يومئذ أحد كان أشد منه، وقال غيره: نزل النبي عن بغلته.

وذكر مسلم عن العباس قال: لما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته نحو الكفار وأنا آخذ بلجامها أكفُّها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركابه، ثم نادى: «يا للمسلمين» الحديثَ، وقال العباس أيضًا في رواية ابن إسحاق: كنت آخذًا بلجام بغلته البيضاء قد شجرتها به، قال: وكنت أمرأً جسيمًا شديد الصوت، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس: «أين أيها الناس»؟ فلم أر الناس يلوون على شيءِ، فقال: «يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار أصحاب الشجرة»، قال: فأجابوا لبيك لبيك، وكرُّوا على هوازن فكسروهم، وقيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غضب ولا يغضب إلا الله لم يقم لغضبه شيء.

وقال ابن عمر: ما رأيت أشجع، ولا أنجد، ولا أجود، ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال علي رضي الله عنه: إنا كنَّا إذا اشتد اليأس واحمرت الحدق اتَّقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدوِّ منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدوِّ، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا، وكان الشجاع من أصحابه هو الذي يقرب منه صلى الله عليه وسلم إذا دنا