صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

١٤

عليه وسلم، قال: هذا عمل أبي بَراء وقنت شهرًا يدعو على رِعل وذَكوان، فغضب أبو براء وقال: استضعفني عامر لما هرمت وخفر ذمتي وشرب الخمر صِرْفًا حتى مات كافرًا.

ومن شعره لما أسن وضعفه بنو أخيه وخرَّفوه ولم يكن له ولد يحميه قوله:

دفعتكُمُ عَنِّي وما دَفْع راحةٍ
بشيء إذا لم تستطع بالأنامل
يُضَعفِّني حلمي وكثرة جهلكم
عَليّ وأني لا أصول بجاهل

عامر بن الطفيل

وأما الشقي عامر بن الطفيل، فإنه بعد هذه الواقعة قال: كادت العرب أن تتبع قدمي ويريد القرشي أن أتبعه، ثم وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن عمه أربد، وكان فاتكًا، وكان اتفق معه على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: إني أشغله عنك بالحديث فاضربه أنت من خلفه بالسيف، فلما دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام فقال: ما تجعل لي إن اتبعتك، فقال أعنة الخيل، قال: أو ليست لي لأَملائنَّها عليك خيلًا جُرْدا ورجالًا مردًا ولأربِطَن بكل نخلة فرَسًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يأبى الله ذلك وأبناء قَيْلة» يعني: الأنصار، فدخل أُسَيد بن حُضَير رضي الله عنه وجعل يضربهما على رؤسهما بنعل الرمح ويقول: اخرجا أيها الهِجرِسان، فقال له عامر: من أنت؟ قال: أسيد بن حضير، قال: أبوك كان خيرًا منك، قال: كذبت أنا خير منه ومنك؛ لأنكما مشركان وأنا مسلم، فخرجا فقال النبي: «اللهم اكفني عامرًا بما شئت»، وقال عامر في الطريق: ويلك يا أربد، أين ما قلت لك؟ والله ما كان رجل على وجه الأرض هو أخوف عندي على نفسي منك، وأيم الله، لا أخافك بعد اليوم أبدًا، فقال أربد: لا تعجل عليَّ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلتَ بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف، حتى إذا كانا ببعض الطريق بعث الله إلى عامر الطاعون في عنقه