بعنايتهم فأنشأوا فيهـا الكنائس الأولى. ويلاحظ هنـا أن كنائس أفسس وكورنثوس وثسالونيكية التي وجـه إليها بولس رسائله كانت كنائس عواصم الولايات وإن رسالة بطرس الأولى موجهة إلى كنائس غلاطية والبونط وقبذوقية وآسية وبيثينية وأن بولس يستهل رسالته الثانية إلى أهـل كورنثوس بالعبارة: إلى كنيسة الله التي في كورنثوس «مع جميع القديسين في أكانية كلهـا». وهكذا فإنه يجوز القول أن الرسل، أو هامتي الرسل، جعلوا منذ البـدء توزيع الكنائس يتفق وتقسيمات الولايات الرومانية المدنية وإنهم ربطوا المؤمنين في كل ولاية بأسقف عاصمة الولاية التي انتموا إليها. ويجوز القول أيضاً أن الرسل ظلوا على صلة مباشرة بالكنائس التي أسسوها أما بزياراتهم الشخصية أو بإيفاد رسـل من قبلهم إليها وتوجيه الرسائل بواسطة هؤلاء. ويستدل من أخبار القرن الثاني أن أساقفة الكنائس في كل ولاية من ولايات الدولة بدأوا يجتمعون للتداول والتشاور في الأمور الملحة في عاصمة الولاية وأنهم في القرن الثالث لمسوا الفائدة من هذه الاجتماعات فجعلوها قاعـدة يتمشون بموجبها فيجتمعون مرة في السنة على أقل تقدير. وأدى هذا كله إلى ازدياد في نفوذ أساقفة العواصم وأمست موافقتهم ضرورية في سيامة أساقفة الولاية. ومن هنا قول الآباء في المجمع المسكوني الأول في نيقية في السنة ٣٢٥ في القانون الرابع أن الأسقف يجب أن يقام من قبل جميع الذين في الأبرشية وأنه إذا تعذر ذلك يجتمع ثلاثة معاً ويشترك الغائبون كتابة وأن المصادقة على ما يجري تعطى في كل ولاية لأسقف العاصمة فيها. ومن هنا القول أيضاً في القانون الخامس أنه يستحسن أن يعقد مجامع في كل ولاية مرتين في السنة لفحص المسائل الطارئة بحضور جميع الأساقفة. وهـذا الربط بين حدود الولاية المدنية وحدود السلطة الروحية ظاهر في الإجراءات التي اتخذها الإمبراطور ولنس للحد من نفوذ باسيليوس الكبير القديس الشهير. فالإمبراطور أمر بجعل ولاية قبدوقية ولايتين لإفساح المجال لأسقف آخر يشاطر الأسقف القديس السلطة الروحية في الولاية.
ولكن تقسيم الكنائس بموجب تقسيم الولايات لم يؤثر في شعور الرعاة