ثم اغتيل ميخائيل الثالث في الرابع والعشرين من أيلول سنة ٨٦٧ ورقي عرش الأباطرة باسيليوس الأول فدخل الروم في دور من العز عظيم. فنجح باسيليوس في دفع المسلمين إلى الوراء في سوريا والجزيرة وأصبح سيد جبال طوروس وممراتهـا. وأدرك خطورة الموقف في البحر المتوسط وفي الغرب. فالسيادة على هذا البحر كانت قد استقرت في يد المسلمين، وكان هؤلاء قـد استقروا في صقلية وجنوب إيطالية وظهروا أمام رومة نفسها. ولم يقو اللومبارديون على الصمود في وجههم فأم القسطنطينية وفدان أحدهمـا مثل الإمبراطور الغربي والثاني البابا ليحثا الإمبراطور على صيانة النصرانية في الغرب ففعل. فقضت هذه الظروف السياسية بالتفاهم بين رومة القديمة ورومة الجديدة فأكره باسيليوس البطريرك فوطيوس على التنحي عن السدة القسطنطينية (٨٦٧) وأعاد أغناطيوس إليها. ثم طلب إلى البابا أن يرسل من يمثله في مجمع مسكوني. فوافق أدريانوس الثاني والتأم في القسطنطينية مئة أسقف (٨٦٩) قطعوا فوطيوس. ويلاحظ هنا أن ممثلي إدريانوس رغبا في اعتبار فوطيوس مقطوعاً بالقرار الذي كان قد صدر عن مجمع رومة، أمـا باسيليوس فإنه أصر على وجوب عرض هذا الأمر نفسه على المجمع الجالس برعايته وأن يصدر الحكم عن هذا المجمع لا عن مجمع رومة فوافق الممثلان الرومانيان على ذلك وأيدهم فيه أدريانوس نفسه. ويلاحظ أيضاً أن هذا المجمع نفسه نظر في القضية البلغارية قبل انفضاضه فأقر خضوع الكنيسة البلغارية لكرسي رومة الجديدة لا القديمة على الرغم من احتجاج الوفد الباباوي. ويلاحظ كذلك أن ممثلي البطريركيات الشرقية الثلاث أيدوا رومة الجديدة في هذا كله لا رومة القديمة1.
وتوفي البطريرك أغناطيوس في خريف السنة ٨٧٧ فلم ير الإمبراطور بداً من إعادة فوطيوس إلى السدة المسكونية ليتابع السياسة نفسها التي كان قد اختطها من قبل. فرومة القديمة أصرت على موقفها من كنيسة بلغارية والتعاقد مع أمراء الغرب في إيطالية لم يأت بالفائدة المنشودة. وفي السنة ٨٧٩ دعا باسيليوس إلى
- ↑ Ostrogorsky, G., The Byzantine state, (1958), 208; Mansi XVI, Col 16-207.