والثلاثين: «إننا نجدد ما اشترع من الآباء القديسين المئة والخمسين الذين اجتمعوا في هذه المدينة المتملكة المحروسة من الله ومن الآباء الست مئة والثلاثين الذين اجتمعوا في خلقيدونية فنرسم أن يكون لكرسي القسطنطينية التقدم أسوة بتقدم كرسي رومة القديمة فيعظم مثله في الأمور الكنائسية بكونه ثانياً بعده. ويحسب كرسي المدينة العظيمة الإسكندرية بعدهما. وبعده كرسي أنطاكية. وبعد هـذا كرسي مدينة الأوروشليميين».
وهنالك قول رسمي آخر كان له اثره في علاقات الكنائس الشرقية بالغربية هو القول بوحدانية الإمبراطورية. فالإمبراطورية الرومانية نشأت مجموعة من الشعوب والبلدان لا دولة موحدة. وشعر كبار الأباطرة بهذا النقص فحاولوا تلافيه منذ عهد أوغوسطوس. وكان ديوقليتيانوس أشدهم عناية بهذا الأمر، فوحد الدولة ونظمها حول شخص الإمبراطور وأصر على تكريمـه إلى درجة السجود. وقال قسطنطين هذا القول نفسه. وأصدر فيما أصدر لهذه الغاية براءة ميلان1. ثم تنصرت الدولة فأصبح الملك لله وحده كما سبق وأشرنا وأصبح الامبراطور ممثل الواحد الأوحد في شؤون الدنيا. وشملت سلطته المسكونة «Qikoumene» بأسرها. فأصبح للدولة عاصمتان رومـة القديمة ورومة الجديدة فنشأ اللقب «المسكوني» واستعمل في القرن الخامس لتعظيم كل من أسقف رومة لاوون الأول وزميله الإسكندري ديوسقوروس. ولعل أوليمبوس أسقف أفازة هو أول من استعمل هذا اللقب فخصّ بـه ديوسقوروس في مجمع التلصص في أفسس سنة ٤٤٩. وحـذا حذو أوليمبوس الشماس الإسكندري ثيودوروس حين خاطب لاوون أسقف رومة لمناسبة المجمع الخلقيدوني سنة ٤٥١. وجاء مثل هذا أيضاً في الرسالة التي وجهها رؤساء الأديار في القسطنطينية إلى البابا أغابيتوس في السنة ٥٣٥2. وأعلن الإمبراطور زينون کتابـه الإينوتيكون فأيده فيه أكاكيوس بطريرك القسطنطينية (٤٧٢ - ٤٨٨). واعترض سمبليكيوس بابا رومة فحل الشقاق بين الحبرين فاتخذ بطريرك