وقانون واحد على الأرض وجعل من الإمبراطور الروماني نائباً مفوضاً من الله. وثبت إيمان قسطنطين هـذا الرأي ولاسيما إحساسه بالرسالة السماوية التي كان يحملها واهتمامه بأمور الكنيسة وسعيه لتوحيد كلمتها. ومن هنا في الأرجع قول أفسابيوس أن الأمبراطور أمسى أسقف من كان لا يزال خارج الكنيسة. وشاع اجتهاد أفسابيوس وسكت عنه الأساقفة في الشرق وفي الغرب أيضـاً. وظل خلفاء قسطنطين الأباطرة المسيحيون يستعملون اللقب الحبر الأعظم حتى عهـد غرانيانوس (٣٦٧-٣٨٣) فكان هو أول من اعتبره غير لائق بإمبراطور مسيحي فأسقطه من لائحة الألقاب الرسمية في السنة ٣٧٩.
وجاء الإمبراطور ثيودوسيوس (۳۷۹ - ٣٩٥) فأعلن في الثامن والعشرين من شباط سنة ٣٨٠ العقيدة المسيحية عقيدة الدولة. وتبنى الأرثوذكسية في الرأي أي رأي دماسوس الروماني وبطرس الإسكندري. ونعت الآخرين بالهرطقة ولم يسمح لهم أن يدعوا الأبنية التي اجتمعوا فيها كنائس فأصبحت الكنيسة كنيسة رسمية بكل ما في هذه الكلمة من معنى. وظل اجتهاد أفسابيوس سائداً في الشرق والغرب. واستعاض أباطرة القرن الخامس عن اللقب الحبر الأعظم باللقب الحبر المجيد «Pontifex Inclitus». وتلقب به كل من أنسطانيوس ومارقيانوس1. ومن هنا أيضاً دعاء الأساقفة المجتمعين في القسطنطينية في السنة ٤٤٨ للإمبراطور ثيودوسيوس الثاني «سنوات عديدة للأمبراطور «الكاهن الأعظم» التقي الأرثوذكسي». ومن هنا أيضاً هتاف آباء المجمع الخلقيدوني «ليحيى الكاهن الإمبراطور» ومن هنا أيضاً ورود النعت «المقــدس»، خمس عشرة مرة في الرسائل التي وجهها لاوون الأول أسقف رومـة إلى الأباطرة المعاصرين2. ويوستنيانوس هو أول المفرقين بين السلطتين الروحية والزمنية ولكنه اعتبرهما معطاتين من الله. وأوجب التآلف بينها «Symphonia» لسعادة البشر.