صفحة:مفيد العلوم ومبيد الهموم.pdf/96

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٨٠

الذي هو ظلمة فكل علة أوجبوا بها حدوث الظلام أوجبنا عليهم بمثلها حدوث النور (دليل آخر) من خلق الظلام فإن قالوا النور قلنا فقد علم أنه يفعل الشر أم لا إن قالوا لم يعلم فهو جاهل وإن قالوا علم خلقه للشر يجوز أن يخلق الظالم والجائر والسباع والعقارب وإن قالوا حدث بنفسه فيلزمهم أن تحدث جميع الحوادث بنفسها وذواتها ولا يحتاج فعل إلى فاعل وصنع إلى صانع وهو محال ثم نقول رجل قتل رجلًا ظلمًا ثم ندم أليس القتل شرًا قالوا بلى قلنا أليس الندم خيرًا قالوا بلى قلنا فعندكم الذي يفعل الشر لا يفعل الخير فكيف هذا (دليل آخر) إن الظلام لا يخلو إمّا أن يكون موجودًا حقيقة أو لم يكن فإن كان وجوده وجودًا حقيقيًا فقد ساوى النور في الوجود وبطل الامتياز من كل وجه وكذلك ساواه في القدم والوجدة ثم الوجود من حيث هو موجود خير لا محالة فلم يكن الظلام شرًا فبطل مذهبهم وإن لم يكن موجودًا حقيقة فما ليس بموجودًا وكيف يكون قديمًا وكيف يساوي ضده وكيف يحصل فيه امتزاج فكل ما ذكره باطل لا أصل له.

( الباب الحادي عشر في الرد على البراهمة )

وهم قوم في بلاد الهند منكرون إرسال الرسل ويقولون لا يجوز في العقل إرسال الأنبياء إلى الخلق ومنهم من قال كان آدم نبيًا فقط وقال قوم إبراهيم صلوات الله عليه وقيل من هذا سموا براهمة ثم من العجب إنهم يعبدون الأوثان ولا يأكلون اللحوم وأبو العلاء المعرّي لعنه الله كان منهم فنقول أن الدليل على جواز بعثة الرسل أن العقل يجوز ذلك فصانع العالم يعلم من مصالح عباده وما لهم في فعله من النفع وفي تركه من الضرر ما لا يعلمه أحد فيرسل الأنبياء فيرشدونهم إلى مصالحهم فلا إستحالة في ذلك فمن قال إنه مستحيل فهو كافر معاند فإن