صفحة:مفيد العلوم ومبيد الهموم.pdf/63

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤٧

كتاب الغرائب وفيه عشرة أبواب

( الباب الأول في ماهية الروح )

اعلم يا علم الرؤساء وصدر الوزراء حقيقة لا مجازًا أن هذه المسألة من مجازات العقول ضل فيها علماء ولا يعرفها إلا محقق عالم ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم والناس قد تكلموا فيها ذهاء خمسمائة قول وشرح ذلك يقتضي كتابا طويلًا فنقدم على ذلك سؤالًا وجوابًا أما السؤال قالوا قال الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّ فلو كانت الروح معلومة للخلق ما قال الله ذلك وما كان لهذا الكلام معنى قلنا أجمع العلماء من أصحاب الملل والاعتقادات أن المخلوقات على نوعين لا ثالث لهما جواهر واعراض فالروح إما أن تكون من قبل الجواهر أو الأعراض لأنه يستحيل أن يرد الشرع بخلاف ما اقتضاه العقل فقوله ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا أي ما أوتيتم من العلم الذي نص عليه إلا قليلًا من كثير بحسب ما تحتاجون إليه فالروح من المنزل النص عليه لأنه أراد أن يعرفوا ذلك بالاعتبار ويتوصلوا إليه بالدلائل والاستبصار وهذا بخلاف سؤالهم عن الطاعة لأنه لا طريق للعقل إلى معرفة ذلك إلا من طريق الأخبار هذا وجه التحقيق. (جواب آخر) أن ابن عباس ترجمان القرآن قال الروح ملك عظيم على بني آدم. وقال قتادة الروح جبريل وقال علي الروح ملك له سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف لسان يسبح الله بكل لسان وهو حافظ على الملائكة كما إن الملائكة حفاظ على الخلق فإن كان معنى الروح هذا فكفى الله المؤمنين القتال وإن كان غيره فقد اختلفوا فقال قائل نعم في الجملة أن الروح موجودة عمارة البدن والجسد والانفصال عن خراب القالب ويكفي ذلك القدر من العلم