صفحة:مفيد العلوم ومبيد الهموم.pdf/21

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥

فلك مروءة وإن كان لك دين فلك شرف، وإن كان لك مال فلك حسب وإلا فأنت والحمار سواء فالمعاصي في جنب التوحيد تتلاشى وكل الصيد في جوف الفرى هذا وقد علم كل عاقل منصف وفاضل متصف أن الدنيا دار قلعة والحال حال خدعة والعمر كما ترى مار بسرعة فالدنيا حلم والآخرة يقظة والمتوسط بينهما الموت ونحن في أضغاث أحلام فما هي لعمر الله إلا أنفاس معدودة وآجال محدودة وآمال ممدودة فكل نفس خطوة وكل خطوة ميل وكل شهر منزلة فرسخ وكل سنة منزلة فإذا بلغ الأجل فقد بلغ المنزل فإذا خطيب ينادي:

شعر
فألقت عصاها واستقر بها النوى
كما قر عينًا بالاياب المسافر

فالعاقل يأخذ من نفسه لنفسه ويقيس يومه بأمسه فأن مدة العمر قليلة وصحة الجسم مستحيلة والدهر خائن والمرء لا محالة حائن وكل ما هو آت فكائن وكل يوم يسوق إلى غده وكل امرء مأخوذ بجناية لسانه ويده مسكين ابن آدم انقطعت مسرته يوم قطعت سرته فؤاده طالب وهو مطلوب وجميع ما له مسلوب شبابه إلى هرم وسلطانه إلى اتضاع وماله إلى ذهاب وصحته إلى سقم وحياته إلى ممات متصل ذلك بعضه إلى بعض اتصال الليل والنهار والشتاء والصيف أحسن بامرء غرته الدنيا هل يبلغن مغرور منها إلا خرقة وكسرة أن كسرى لم يزد على أن تشاغل بما أوتي عن إخوته فجمع لزوج امرأته أو زوج ابنته أو امرأة إبنه أو لعدو خارق إن في ذلك لآيات فهل من مدكر وهل من عاقل معتبر ينظر إلى حوادث الزمان وعواقب السلطان فالعقل يدعو إلى الاعتبار والحكمة تحث على الاستبصار الساعات تهدم الأعمار ومنادي الشرع ينادي الاعتبار الاعتبار فاعتبروا يا أولي الأبصار.

شعر