صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/77

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۷۳ –

وتواجه الحياة بحلول عملية، إنما أعنى أنها تملق شهواتهم ورغباتهم؛ وتتغاضى عن لذائذهم الهابطة ونزواتهم الجامحة، لتضمن ألا يعيد المجتمع نبذها، كما نبذها فى مطلع النهضة والأحياء.

نحن ببلاهة غبية، وسطحية تافهة قد حاولنا بالإسلام هذه المحاولة، لا لأن الإسلام لم يتضمن التشريعات التى تحكم الحياة وتصرفها؛ بل لأننا بشعور العبيد وعلى طريقة القرود، قد أردنا أن نجعل مصر قطعة من أوربا، ولما كانت أوربا تحكمها القوانين المدنية لا الدينية، فقد فعلناها نحن أيضاً! دون فطنة إلى أن أوربا لم يكن لها مفر من ذلك، لأنها لم تجد فى المسيحية تشريعاً للحياة، وإنما وجدتها مجرد عقيدة روحية وصلاة!

لقد فطن الإسلام إلى أن العقيدة لا يمكن أن تتحقق بذاتها فى واقع الحياة ما لم تتمثل فى نظام اجتماعى معين، وتتحول إلى تشريعات تحكم الحياة، وتكيف علاقاتها الواقعية المتجددة، ولكننا نحن بحماقة غبية لم نفطن إلى هذا الذى فطن إليه الإسلام، وصاغ نفسه على أساسه: عقيدة تتمثل فى شريعة، وشريعة هى تفسير وتحقيق لهذه العقيدة، ووحدة شعورية تشريعية، تتألف منها حياة واقعة، ممثلة فى العقيدة والسلوك، وفى العبادات والمعاملات، وفى السرائر والجوارح، وفى الأفراد والجماعات.

لقد سمعنا الأوربيين يقولون: إن الدين علاقة ما بين الفرد وربه،