صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/46

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٤٢ -

تلك قصة الكتلة الغربية معنا — بما فيها من رأسمالية واشتراكية — فما هى قصة الجبهة الشرقية!

لقد كشفت لنا الشيوعية عن قيمة مبادئها التي تبشر بها يوم وقفت تسلح إسرائيل. وإسرائيل هى الدولة الوحيدة التي تقوم على الدين وحده فى الأرض. وعنصر الدين هو أول ما تنكر الشيوعية أن تقوم عليه الدول، وآخر ما تفكر فى احتضانه والدفاع عنه. ولكن الشيوعية لا تقيم وزناً إلا لمصلحتها الخاصة، وتحت أقدامها المبادىء التي تزخر بها الدعايات.

والشيوعية قد تمنحنا الخبز؛ وتعفى نفوسنا من مرارة النظر إلى الثراء الفاحش الفاجر الذي تنفر من رؤيته البشعة فطرة الإنسان! ولكنها تمنحنا الخبز لتسلبنا مقدساتنا كلها فى الحياة، لا مقدساتنا الدينية، ولكن مقدساتنا الإنسانية جميعاً، لتحبس نفوسنا فى إطار الخبز والكساء.

وقد يبدو الحديث عن المقدسات الإنسانية ترفاً فى مصر، أو حديثاً عن أوهام وخيالات لا وجود لها فى حقيقة الواقع الاجتماعى.

وهذا صحيح .. فما يمكن أن تعيش هذه المقدسات فى أوضاع اجتماعية كأوضاعنا القائمة. إن الحطام الآدمى الذى يعد بالملايين فى مصر، لا يتسنى له الشعور بتلك المقدسات، لأنه مشغول بشعور الجوع والحرمان