صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/144

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱٤٠ –

وما زلت أذكر منذ سنوات كلة أحد الوزراء في ذلك العهد، في رواق من أروقة مجلس النواب، وقد خرج في أثناء مناقشة حادة حول « إلغاء بيوت الدعارة العلنية ومكافحة بيوتها السرية ... » قال – لا بارك الله له في بدن ولا عافية! – « ونحن إذن أين نذهب ؟ » وأتبعها بقهقهة غليظة تابعه فيها الذيول والأذناب!

مثل هذا الوزير كثيرون في مصر ... وكثيرات! يسمون هذه الفوضى الحيوانية السائدة في مصر حرية؛ و يسميها بعضهم تقدمًا وحضارة؛ ويباهي بالحديث فيها بشعور الحيوان المنطلق الشهوات. وبعضهم يسميها طلاقة فنية؛ لأن الفن في نظرهم لا يكون إلا إباحية قذرة مريضة؛ وكان الفن لا يعمر روح « إنسان »!

وما أريد أن أخط هنا خطبة منبرية في الوعظ الشريف، كالتي صاغتها أقلام السادة الأجلاء من كبار العلماء! ولكني أريد أن أدل على أن اختلال المجتمع المصري قد آتي كل ثماره الخبيثة العفنة الكريهة؛ وأن الحكم الإسلامي سيتولى علاج هذه الثمار باجتثاث الأصل الذي يطلعها، بل بتطهير التربة التي تنبت فيها.

والذي أريد التنبيه إليه هنا أن نصيبًا عظيمًا من الضجة القائمة ضد حكم الإسلام، إنما ينبعث من المواخير والأوكار والجيف الطافية على وجه ذلك المستنقع الآسن الفسيح. المستنقع الذي لا يخوض فيه