صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/135

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱۳۱ –

عدالة في الحكم وعدالة في المال. فيقلم أظفار دكتاتورية الحكم واستبداد المال والاستعمار يهمه دائمًا أن لا تحكم الشعوب نفسها، لأنه يعز عليه حينئذ إخضاعها؛ فلا بد من طبقة دكتاتورية حاكمة، تملك سلطات استبدادية، وتملك ثروة قوية؛ هذه الطبقة هي التي يستطيع الاستعمار أن يتعامل معها، لأنها أولا قليلة العدد، ولأنها ثانيًا تستعين به على البقاء، وتحتاج إليه ليسندها في وجه الجماهير. وهذه الطبقة تتولى إخضاع الجماهير وسياستها، ويتوارى خلفها الاستعمار، فلا يبرز دائمًا يوجهه السافر المثير.

إن هنالك حلفًا طبيعيًا بين الاستعمار ودكتاتورية الحكم والمال، كلاهما يعتمد على الآخر، ويتبادل معه المصلحة. وكل ما يتمتع به المستعمرون في بلادهم من حرية وعدالة اجتماعية، لا يسمحون بأن نستمتع به المستعمرات ومناطق النفوذ. لأن هذه المستعمرات ستواجهم وجهًا لوجه يوم تتخلص من مظالمها الاجتماعية. وكذلك المستغلون في الداخل لا يسمحون بإنهاء مشكلات الاستعمار، لأن الجماهير ستواجههم وجهًا لوجه يوم تتخلص من الاستعمار!

ولما كان الحكم الإسلامي الصحيح، مظنة أن يحقق للشعوب عدالة مطلقة في الحكم وفي المال؛ فإن الاستعمار يحاربه حربًا شعواء. يحاربه سافرًا بنفسه، و يحاربه متسترًا وراء الأستار: أستار الطغاة والمستغلين؛ وأستار «المتحررين المثقفين! » وأستار المشرفين على التعليم من حيث يشعرون أو لا يشعرون!