صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/111

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١٠٧ –

أو يتجسس. فأما ذلك المستهتر الذي يجهر بالمعصية، فمن حق المجتمع أن يقي نفسه من نشر المثل السيئ في جوانبه، ومن حقه إذن أن يعاقبه. فأما حين يتستر ولا يتبجح فذلك حسابه مع ضميره ومع خالقه. وتلك مسألة أخرى، يتولاها الإسلام وإيقاظ الضمير لا بالعقوبة.

ونستعير هنا رأيًا للأستاذ محمد قطب سجله في كتابه: «الإنسان بين المادية والإسلام» عن العقوبات الإسلامية، خلاصته: أن الإسلام يمنع أولا كل الأسباب التي تضطر الفرد إلى ارتكاب الجريمة، ويعالجها علاج وقاية قبل وقوعها، وبذلك لا يبقى لمرتكبها عذر في ارتكابها، إلا متبجحًا مستهترًا مختارًا، وحينئذ لا تكون العقوبة قاسية مهما بدت قاسية، لأن الإسلام لا يتلمس الأسباب ولا يتربص الدوائر؛ بل بقي. فإذا لم تنفع الوقاية، فالعلاج إذن ضروري لا محالة1.

ذلك واضح. فأمّا الذين في قلوبهم مرض، فيعدون هذه الاحتياطات في حدود الإسلام دلالة على عدم جديتها! وهي جهالة تافهة، تأخذ الأشياء من سطوحها في عجلة مستهترة تنافي كرامة العلم، ووقار البحث، والجد الضروري في تناول مثل هذه الأمور.

... وبعد! فليطمئن المخلصون من المفكرين ورجال الفنون ومن إليهم أن حكم الإسلام لن يسلمهم إلى المشانق والسجون! ولن يكبت أفكارهم، ويحطم أقلامهم، وينبذهم من حمايته ورعايته؛ ولا يأخذوا


  1. يراجع فصل الجريمة والعقاب في كتاب «الإنسان بين المادية والإسلام»