صفحة:معجم الأطباء (1942) -أحمد عيسى.pdf/217

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والعجايب فى صناعة الطب منها أن بعض بني صغرى كان يشكو نزلة متقدمة به لا تزال تعاوده ويلتاث جسمه ببقاياها فشكي اليه ما يجده منها فأمره بالحمية وتعهد الحمام حتى لطف أخلاطه ثم أخرجه من الحمام وكشف رأسه عقيب خروجه منه حتى نزلت به نزلة أخرى ثم استمر به على الحمية وشرع في معالجته وأعطاه المسهلات حتى استفرغ مواد تلك النزلة واندفعت معها مواد النزلة القديمة وبرأ الرجل وأفاق . ومنها ما حكاه لى الشيخ احمد بن براق قال كنت عند الأمين سليمان فأتى رجل قد حصل له ورم في وجهه وقد تلون بالحمرة والزرقة فلما رمى عمامته عن رأسه وكانت عمامته كبيرة وبقى الرجل يخاف من البرد وسليمان يقول له ارمها بلا نشاز ثم أمر بصطل من الماء البارد فصبه على رأسه وكان الفصل شتاء ثم نقله إلى المارستان وشرع في معالجته وسئل عن هذا فقال كانت قد تحركت مادة فى دماغه أردت أن أجمدها قبل أن تنصب جملة واحدة قلت وقد تقدم مثل هذا عمن تقدم وله كل معالجة طايلة وحدس صحيح وتجربة محققة ولما مرض أسند مر الكرخى وهو في نيابة طرابلس حارت فيه الأطباء فاستدعاه واستطبه فيراً بقدرة الله على يده فغمره بالاحسان وحصل له منه ومن حاشيته نحو أربعين ألف درهم ما هو دراهم وقماش وغير ذلك ثم عاوده المرض فاستدعاه فطبيبه وبرأ فحصل له منه نحو عشرين ألف درهم وحكى لى انه كان أقل ما يدخر فى كل يوم دينار من الذهب بعد كلفته وسائر نفقته وانه على هذا منذ عشرين سنة من العمر والى آخر وقت وكان صحيح الاسلام حسن المعتقد جميل اليقين وحج مرات الى البيت الحرام وزار النبي صلى الله عليه وسلم وكان اذا أتى المدينة الشريفة لزم المسجد وأكثر الصلاة ولم يزل على رتبته ومكانته حتى سعى عليه عند تنكر نايب الشام وغير عليه خاطره هذا الى ما كرهه منه من قوة النفس وكثرة الجرأة والاقدام فعزله عن الرياسة وحطه عن رتبته وأغرى بدمه والتنقض به وقام عبد المولى اليهودي لعنـاده ورماه سليمان بالبرص وكشف فلم يصح قوله فيه وولى عوضه جمال الدين محمد