انتقل إلى المحتوى

صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

داود عن إسحق الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن صبيح أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود أنه قال نعم الترجمان للقرآن ابن عباس، ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك، فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة وقد مات ابن مسعود ثلاث وثلاثين على في سنة الصحيح وعمر بعده ابن عباس ستاً وثلاثين سنة فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود، وقال الأعمش عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا.

وهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السندي الكبير في تفسير عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. رواه البخاري عن عبد الله بن عمر ولهذا كان عبد الله بن عمر قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام أحدها ما علمنا صحته مما بأيدينا مما نشهد له بالصدق فذاك صحيح، والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا تختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيراً، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون1 كلبهم وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به المقتول2 من البقرة ونوع الشجرة التي كلَّم الله منها موسى إلى غير ذلك مما أبهمه3 الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًۢا بِٱلْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّىٓ أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَآءً ظَٰهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلاً لرده كما ردهما ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا: ﴿قُل رَّبِّىٓ أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم

  1. الأصل: وكون
  2. الأصل: القتل
  3. الأصل: ألهمه — ولعلَّ ما أثبتناه في الكلِّ أصح
- ٥٤ -