فيهلهلم ماكس فوندت الألماني.
وقد تفنى أو تضيع نسخة المؤلف ولا يبقى عنها سوى نسخة واحدة. وفي مثل هذا الظرف يترتب على المؤرخ المدقق، الذي يود تحرِّي النص الأصلي والمجيء بلفظ المؤلف، أن يبدأ بدرس هذه النسخة درساً وافياً من جميع نواحيها. ثم ينتقل إلى ترجمة مؤلفها، فالمصادر التي أخذ عنها وتآليفه الأخرى. وعليه أن يتعرف إلى أشهر كتاب العصر الذي عاش فيه المؤلف ولا سيما زملائه في الموضوع. وإذا ما وقف على جلائل النسخة ودقائقها وعجم عود مؤلفها وتعرَّف إلى معاصريه وزملائه عاد إلى نص النسخة التي يدرس ونبذ من صيغ كلماتها ما لا يتفق مع ذوق مؤلفها أو ذوق معاصريه، وأثبت في الهامش جميع ما ينبذه كما ورد في النسخة التي يستعرضها. وليس في وسعنا إلا أن نعترف بأن العمل على هذا الشكل ضرب من المغامرات التي يتوقف النجاح فيها على ذكاء الباحث وسعة اطلاعه وسلامة استنتاجه.
ومما اختبرناه من هذا القبيل، أننا لما شرعنا في جمع الأصول العربية لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا، وجدنا أن عدداً لا يستهان به من النسخ الأصلية لمناشير إبراهيم باشا قد ضاع، وأنه لم يبق من هذه النسخ الأصلية في بعض الأحيان سوى نسخة واحدة. ومثال ذلك أن البيان الذي وجهه هذا القائد الفاتح إلى أهالي دمشق عن انتصاره في حمص على الجيش العثماني قد ضاع ولم يبقَ عنه سوى نسخة واحدة في كتاب المذكرات التاريخية الذي نشره الخوري قسطنطين الباشا. وإليك نص هذا البيان كما ورد بالحرف1 قدوة الأماجد الكرام متسلم الشام حالاً أحمد بك بعد التحية والسلام بمزيد العز والإكرام المنهي
- ↑ مذكرات تاريخية بقلم أحد كتاب الحكومة الدمشقيين لناشره الخوري قسطنطين الباشا (طبع حريصا لبنان سنة ١٩٢٩) ص٦٤–٦٦