بقي علينا أمر آخر، وهو أن ندرس خط هذه المخطوطة، ونقابله بما بقي من خطوط تلك الأيام، لنتوصل إلى معرفة كاتبها وهكذا فعلنا. فإننا قصدنا المكتبة البطريركية، في بكركي، وطلبنا رسائل الحقبة ١٨٣١–١٨٤١ فوجدنا بعد العناء الطويل، عدة رسائل مكتوبة بالخط نفسه، وممضاة هكذا: «القس أنطون الحلبي مدير أنطونياني». وحينما فحصنا محتويات هذه الرسائل، وجدنا أن نفسها هو نفس مخطوطتنا، وموضوعها موضوع هذه المخطوطة بعينه. ووجدنا أيضاً أن لهجة هذه الرسائل ولغتها هما لهجة مخطوطتنا ولغتها.
فقصدنا عندئذٍ غبطة البطريرك الماروني ماري إلياس حويك، وسألناه عن القس أنطون المذكور، لنعرف علاقته بالأمير الشهابي الكبير. فتكرم علينا بالجواب وأكد لنا أنه، أي القس أنطون المذكور، كان من أقرب المقربين للأمير الكبير. فشجعنا هذا الجواب الصريح على استقصاء أخبار القس المذكور. وأشار علينا سيادة المطران عبد الله بمراجعة الأب عمانوئيل البعبداتي الأنطونياني، شيخ رهبانيته ومؤرخها. فطلبنا كتابه في تاريخ الرهبانية المذكورة، ووجدنا أن القس أنطون الحلبي، كان أستاذ الأب عمانوئيل، وأنه سكن بتدين، وتقرّب من الأمير الكبير1.
وكتب إلينا الأب عمانوئيل نفسه، رداً على كتاب منا إليه، ما نصه: «بعد افتقاد خاطركم الكريم أعرض أني تشرفت بكتابكم المؤرخ في ١٦
- ↑ تاريخ الرهبانية الأنطونيانية ص ٤٤٩