صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/3

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
المقدّمة



وأقدم التواريخ المدونة أسفار موسى الخمسة وأسفار يشوع وصموئيل، فإنها دونت فيما يظهر حوالي السنة ٩٠٠ قبل الميلاد. وأول من حاول نقد الروايات التاريخية هكتايوس الملطي اليوناني. فإنه كتب في القرن السادس قبل الميلاد في أصل الشعب اليوناني وفي تجوالاته الأولى، وقال: «ولست أُثبت هنا إلا الحكاية التي أعتقد صحتها. فإن أساطير اليونان كثيرة وهي عندي حديث خرافة». وجاء بعده عدد من أبناء جنسه يؤرخون فينظرون إلى الأشياء على حقيقتها ويبتعدون عن الخرافات والأساطير شأنهم في كل عمل فكري قاموا به ولكن أحداً منهم فيما نعلم لم يحاول أن يجعل من هذا النظر إلى الروايات التاريخية على حقيقتها «علماً بأصول».

وأول من نظّم نقد الروايات التاريخية ووضع القواعد لذلك علماء الدين الإسلامي فإنهم اضطروا اضطراراً إلى الاعتناء بأقوال النبي وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل. فقالوا: «إن هو إلا وحي يوحى ما تلي منه فهو القرآن وما لم يُتلَ فهو السنة». فانبروا لجمع الأحاديث ودرسها وتدقيقها فأتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال في أسسها وجوهرها محترمة في الأوساط العلمية حتى يومنا هذا. وهو ما سيتاح لنا الاطلاع عليه في تضاعيف هذا الكتاب في حينه.

- أ -