من النظريات العامة في علومهم. فإنهم يبدأون بفرض قد يصح وقد لا يصح. قال أَدوارد لانكستر أَن الطبيعة لا تلبي نداء لطالب بحث من تلقاء نفسها بل لا بد له من أن يوجه إليها أسئلة معينة محدودة تتضمن الجواب الذي يريده منها1. وقال دارون بالمعنى نفسه ما محصله: كانوا يقولون منذ عهد غير بعيد أن على علماء طبقات الأَرض أن يشاهدوا ويدونوا ملاحظاتهم دون أن يكون في نفوسهم أي غرض أو فرض. كأن يعمد أحدهم إلى حفرة فيحصي حصاها ويصف حصاها ويصف ألوانها. ومن السخف أَن لا يرى العلماء أن شيئاً مثل هذا هو ناقص من أساسه وأنه لا بد أن يكون رائد الباحث نظرية يريد التثبت منها أو العدول عنها2. وزعم هكسلي أن تقدم العلوم الطبيعية لم يتأت له أن يصل إلى ما وصل إليه إلا بفضل فرض النظريات سواء أكانت تقوم على أسس متينة أو ضعيفة. وليس من اللازم أن يؤدي البحث إلى دعم هذه النظريات. فكم من محاولة أدت إلى نقض النظرية من أساسها3.
وقد يقول المؤرخ ولكن التاريخ شيء والعلوم الطبيعية شيء آخر. فعلماء الطبيعية يبحثون في المادة والمادة حيادية. أما المؤرخ فإنه يبحث عن أمور حيوية قد لا تنفصل عن العاطفة. فعليه إذاً أن يبتعد عن