تم التّحقّق من هذه الصفحة.
فنظم قصيدة يصف فيها مرضه ويشكو سوء حاله وحال رفاقه ويعتذر إلى صاحبة له:
أرقت ولم يمس الذي اشتهي قربا
وحمِّلت من أسماء إذ نزحت نصبا
لعمرك ما جاوزت غمدان طائعاً
وقصر شعوب أن أكون بها صبا
ولكنَّ حمى أضرعتني ثلاثةً
مجرَّمة ثم استمرت بنا غبا
ومجلس أصحابي كأن أنينهم
أنين مكاكٍ فارقت بلداً خصبا
فإنك لو أبصرت يوم سويقةٍ
مقامي وحبسي العيس مطوية حدبا
إذاً لاقشعر الرأس منك صبابةً
ولاستفرغت عيناك من عبرة سكبا1
وظاهر من وصفه لهذا المرض أنه البرداء، تلك الحمى التي تأتي غباً أي تأخذه يوماً وتدعه آخر. وليس غريباً أن تكون هذه الحمى قد عاودته — ومن شأنها المعاودة — فمات منها. ولكن أين مات؟ ذلك أمرٌ لا نستطيع الجزم فيه، ويلوح لنا من اختلاف الرواة أنه لو كان عمر قد مات في مكة أو المدينة لكان من السهل على الرواة أن يعرفوا ذلك ويظهر أن سبب اختلافهم يعود إلى أن عمر قد مات بعيداً عن الحجاز، ونستبعد أن يكون مات بالشام كما يروي البلاذري، ولعل كلمة الشام في رواية البلاذري مصدرها أن الجارية المكية التي حزنت لموت عمر قد صارت إلى بني مروان في الشام. وأغلب الظن أن عمر قد مات في اليمن وقد كان له مزارع فيها ورثها إما عن أمه أو عن أبيه وكان ابنه جُوان
- ↑ ابن أبي ربيعة (ع) ٧٩
- ١٠٦ -