مشاقة ونعمان القساطلي اشتهرا بنباهتهما وتدقيقهما وأمانتهما أيضاً1. أما عريضة الدمشقيين فإنها وضعت لاستعطاف أولياء الأمر آنئذٍ وكتبها أناس اتهموا بقتل الوالي نفسه وعرفوا بانخراعهم من جراء ذلك وخوفهم وجبنهم2. وبناء على هذا كله نرى أنفسنا مضطرين الآن أن نرجح صحة أقوال المؤرخين المعاصرين، ونكذب الأعيان الدمشقيين.
فإذا صح أن الدمشقيين قتلوا واليهم وأنهم حذروا بطش الآستانة من جراء ذلك فأظهروا علامات الجبن والخوف وأنهم فاوضوا عبد الله باشا في الأمر وطلبوا إليه أن يتوسط بينهم وبين الآستانة ويستعطف السلطان عليهم، وإذا صحت الإشاعة أنه كان لعبد الله يد في مقتل الباشا إذا صحت هذه الأمور جميعها، أفلا يصح لنا أن نقول إن ما اقترفه الدمشقيون من الإثم في مقتل الباشا وانخراعهم في عقابه ربما كان سبباً من أسباب اتحادهم مع عبد الله باشا ومقاومتهم للفاتح المصري؟
للدرس والتطبيق: ويجدر بالقارئ أن يطالع بإمعان وتدقيق ما قاله الأستاذ جبرائيل في موت عمر بن أبي ربيعة في الجزء الثاني