الواحدة عن الأخرى لتأييد كلام الدمشقيين في سبب انقباضهم عن إسعاف الباشا المصري ومقاومتهم إياه. ولما كان هذا العدد والنوع من التزكيات الفنية غير متوفر لدينا الآن لا نرى مناصاً من الاكتفاء بالقول إن الدمشقيين «قالوا» إنهم قاوموا المصريين لأن هؤلاء خرجوا على السلطان وإنهم — أي الدمشقيين — اشتهروا بتعصبهم ومحافظتهم على التقاليد القديمة دينية كانت أم اجتماعية1.
ولكن هل هذا كل ما في الأَمر أم هنالك دُخلة مكنونة لا بد لنا من إظهار بعضها وإماطة اللثام عنها. نقول نحن على مرية من أمر مقتل الباشا كما ورد في الرسالة الأولى وقد ترددنا ولا نزال نتردد في صحته لغرابته ومخالفته الأصول المعروفة. قال المؤرخ الدمشقي المجهول واضع مخطوطة برلين المشار اليها سابقاً: «وفي الساعة الواحدة من الليل أحضروا كيخية سليم باشا وخاله من بيت المفتي الى عنده وقالوا لهم ان الوزير طالبكم ودخل أولاد البلد الساعة الرابعة من الليل قتلوا كيخية الوزير وخاله والقبجي والسلحدار والخزندار والمهردار وكان الوزير حينئذٍ في القاعة فسمع العكرة بأرض الدار فسكر الباب من جوا وكان عنده مملوك وطواشي صاروا يدكوا له وهو يقوص حتى قتل ستة أنفار من أولاد البلد وبعد هذا طلع ناس إلى ظهر القاعة حفروه ونقبوه
- ↑ اطلب كلام المسيو بودان قنصل فرنسة في دمشق آنئذٍ في المجلد الثاني من رحلة بوجولا والصفحة ١٦٥–١٦٩)Poujoulat, B-Voyage dans l’Asie mineure etc. (Paris, 1841)