صفحة:مشهد الأحوال.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٢

والراوون الصادقون . فهناك أول مافلحت الارض . وعلم الطول والعرض، وتحددت الأفلاك ورصدت .وسلكت الجار وقصدت ودرست الطبيعة، ووضعت الشريعة ، وانتشرت المتاجر والصناعه . وبدت البراعة والبراعه ، وكشف اللسان قناعه . فمن الشرق مبادي المبادي ، وايادي الا يادي ، ولكن الدهر غيور والزمان غدور . فلما نظر هذا القضاء فلاح هذه الديار . ونجاح هذه الامصار، بسط عليها سحاب الكوارث واثار عجاج الحوادث . فوقع النزاع بين الملل ، وانتشب الحروب بين الدول . وشبت نيران القتال . وارتفع لهيب الاهوال . فضجت الناس بالفتن . وعتجت في الروءُس المحن . وما برحت التقلبات تمد مضاربها . والمكائد تعد ملاعبها . والزمان ينفت الانقلاب ، والخطأ يعبث بالصواب . حمي أوجع الدهر سنانه في مقتبل العقل . وأوقع الغلط حسامه في عنق النقل . فهجم الظلام من خباياه . وبرز الخراب من زواياه . فتاهت الاهالي في هذه الدياجر . وتساقطت في تلك المعاثر . وإسترجع الاقبال يسره واستطاع الادبارعسره حتى غرقت العقول في لحج الجهاله وثمرغت الطباع في بطايح الرذاله . وهكذا قد انقلبت المدن العظيمه . وانمحت الاثار القديمة . واضطربت المتون الراسخه . وهوت السرادق الشامخه . حتى نعب بوم الدمار. ونعق غراب الدثار وما زال أن سلم الشرق نفسه ، ورفع الغرب رأسه ياشرقاابا الهدى ترى اين هداك قد غاب ضياك والغي كل بهاك