صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/59

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

اثر محاولته التحدث إلى أحد المعتقلين، فقد خشيت أن يؤثر هذا الحادث على أعصابه فيبوح بما يعلمه عن جمعيتنا، ولذا عزمت على الاتصال به رغم العقبات التي تعترض سبيلي في هذا الاتصال. وكانت حيلتي أني اتصلت بنقیب الخبراء مظهر الشوق إلى مشاهدة المستشفى العسكري. وسرعان ما قبل طلي ملبياً وبخاصة بعد أن شاهد بين يديه بعض القطع الذهبية التي رضخت بها اليه. وهكذا توجهت برفقته الى المستشفى في الصباح الباکر لنكون في منجاة من رقابة الضباط. ولما دخلت الى غرفة توفيق الناطور أمسكت بصحيفة معالجته متظاهرة بأني أدقق فيها، موهما بذلك من حولي، وقلت له : أن عقبى من يبوح بأسرار الاعمال الوطنية هو الشنق لا محالة، ولن ينجيه البوح من الموت، فحذار حذار من الضعف. ثم خرجت من غير أن يعلق بي أثر من الريبة.

واتصل بي ايضا من خلال محادثاتي مع من كنت بينهم من أعضاء ديوان الحرب – أن الأمير عادل أرسلان، وكان في ذلك الحين قائمقام عاليه، عرضة لخطر الانتقام من الترك، لاتصاله السابق برجالات العرب العاملين لقضيتنا. ولكن تأخير اعتقاله كان بسبب وجود شقيقه بالقرب من جمال باشا، فأسرعت اليه متخذا نفس الطريقة التي اتخذتها لدن زيارتي التوفيق الناطور – الصباح الباكر والرشوة – ووقفته على الحقيقة، كما رجوت منه اتخاذ الحيطة والحذر، وتبلیغ ذلك إلى أخيه. وفي هذه الأثناء – أي في شباط ۱۹۱٦ – وصل أنور باشا إلى دمشق كما يعد العدة لحملة تمد منها القوى العثمانية التي تقاتل الانكليز في العراق، ولتفتيش القطعات الجارية في سورية والحجاز. ولما كان أخي تحسين ملحقاً بأركان حرب فخري باشا وکیل قائد الجيش الرابع

–٥٣–