صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٩٣ -

وبدأ الرشيد خلافته في سنة ١٧٠هـ بإجراء إصلاح رئيسي على الحدود البيزنطية وذلك أنه أصلح الثغور جميعها وشحنها بالحاميات من الخراسانية، وجعـل هذه المنطقة ولاية مستقلة وأسماها "العواصم"، وكانت الصوائف وفي بعـض الأحيان الشواتي تسير إلى أرض الروم بانتظام، وكان الأسطول يساعدها في البحـر في كثير من الأحيان. وفي سنة ١٨١هـ سار الرشيد بنفسه على رأس الجيوش وافتتح عددا من الحصون. وتم الاتفاق بين البيزنطيين والمسلمين على فداء الأسرى، وتولـى ذلك من قبل المسلمين القاسم بن الرشيد ومعه الأعيان من أهل الثغور والعلماء وتم التبادل قرب طرسوس وكان عدد الأسرى المتبادلين ثلاثة آلاف وسبعمائة1.

وفي سنة ١٨٧هـ توغل القاسم بن الرشيد في أرض الروم وحاصر عددا من الحصون حتى اضطر البيزنطيون إلى شراء انسحاب المسلمين عن طريق دفع الجزية وتحرير أكثر من ثلاثمائة وعشرين أسير مسلم. وفي هذه الأثناء قامت ثورة في بلاط بيزنطة كـان من نتائجها خلع إيرين (ریني) واعتلاء وزير ماليتها نقفور العرش. وعمل الإمبراطـور الجديد على نهج سياسة مناهضة الخلافة ورفض الجزية واستلزم الأمر قيام حملة قادهـا الرشيد بنفسه فحاصر مدينة هرقلة ونشر الخراب حتى اضطر نقفور إلى دفع الجزية إلا أنه نقض الاتفاق بعد رجوع الرشيد مباشرة فاضطر الخليفة إلى الرجوع إلى أرض الـــروم أثناء الشتاء رغم قسوة البرد2.

واشتدت الحرب بعد ذلك وتذكر النصوص أنه قتل في الحرب من الروم في سنة ١٨٨هـ أربعون ألفاً وسبعمائة. ولكن هذه الصائفة لم تكن لها نتيجة ملموسة3.

وفي سنة ١٩٠هـ استطاع الرشيد الانتقام لغدر نقفور، فسار على رأس جيـش كبير تبالغ النصوص في عدده فتقول أنه زاد على مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفاً "سـوى الأتباع والمتطوعة ومن لا ديوان له" وحاصر هرقلة حصاراً شدیداً طوال شهر حتى


  1. انظر، ابن الأثير، الكامل، ج ٥، ص ١٠٥ - ١٠٦.
  2. نفس المصدر، ص ۱۱۸.
  3. نفس المصدر، ص ١٢٠.