صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٦٩ -

الـرأي وكذلك القياس1.

أما عن مالك بن أنس مؤسس المذهب المالكي بالمدينة فقد عرف بميله للعلويين أيضاً، والظاهر أنه عوقب وضرب بالسياط لهذا السبب وذلك بعد أن فشلت ثورة النفس الزكية. ولكن الخلفاء سيقدرون مالك فيما بعد وسيزوره هارون الرشيد عند أدائه فريضة الحج وذلك قبل موته بقليل. وبينما كان أتباع مالك ينشرون مذهبهـم في بلاد المغرب خاصة وفي الأندلس، دخل الحنفيون في خدمة الدولة وعملوا علـى نشر مذهبهم وخاصة بعد أن شغل أبو يوسف (أحد تلاميذ أبو حنيفة) منصب قاضـي القضاة، فأصبح المذهب الحنفي هو المذهب الرسمي.

ومدرسة مالك بن أنس مبنية على الأحاديث وذلك بسبب وجوده في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يهتم بالمتن أكثر من اهتمامه بالإسناد وهو علاوة على اتخاذه القرآن والسنة كأصلين للتشريع يضيف إليهما ما تعارف عليه أهل المدينة أي أنه يرى أن الاجماع هو إجماع أهل المدينة.

فتنة الموصل سنة ١٥٨هـ:


وبتأسيس العاصمة الجديدة بغداد أصبحت سياسة الدولة شرقية ورغم أن


  1. "أصل القياس أن يعلم حكم في الشريعة لشيء فيقاس عليه أمر آخر لاتحاد العلة فيهما، ولكنهم توسعوا في معناه أحياناً فأطلقوه على النظر والبحث عن الدليل في حكم مسألة عرضت لم يرد فيها نص، وأحياناً يطلقونه على الاجتهاد فيما لا نص فيه، وبعبارة أخرى جعلوه مرادفاً للرأي، يعنون بالرأي وبالقياس بهذا المعنى أن الفقيه من طول ممارستـه للأحكام الشرعية تنطبع في نفسه وجهة الشريعة في النظر إلى الأشياء، وتمرن ملكاته علـى تعرف العلل، فيستطيع إذا عرض عليه أمر لم يرد فيه نص أن يرى فيه رأياً قانونياً متأثراً بجو الشريعة التي ينتمي إليها وبأصولها وقواعدها التي انطبعت فيه من طول مزاولتها، ومـن أجل هذا ذموا الرأي الذي يصدر ممن ليس أهلاً للاجتهاد، والرأي الذي لا تسنده أصول الدين". انظر، أحمد أمين، ضحى الإسلام، طبع دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة العاشرة، ج ٢، ص ١٥٣ - ١٥٤.