صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/69

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٦٨ -

وتقول النصوص أن المنصور قال: "ما أحوجني أن يكون على بابي أربعة نفر لا يكون على بابي أعف منهم هم أركان الدولة، ولا يصح الملك إلا بهم. أما أحدهــم فقاض لا تأخذه في الله لومة لائم، والآخر صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي، والثالث صاحب خراج يستقصي ولا يظلم الرعية فإني عن ظلمها غني" ثم عض على أصبعه السبابة ثلاث مرات يقول في كل مرة: آه آه قيل: ما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: صاحب بريد يكتب خبر هولاء على الصحة1.

الفقه:


وضم المنصور إلى بلاطه كبار الفقهاء وأصحاب المعرفة بعلم الحديث والفقـه وكان تقريب الفقهاء يعني أن الدولة المثالية التي تعتني بنشر العدل والشرع أصبحت حقيقـة واقعـة.

وفي ذلك الوقت كان مؤسسا المذهبين الكبيرين ألا وهما: المذهب الحنفي والمذهب المالكي على قيد الحياة، وكانا يميلان إلى العلويين. يقال أن أبا حنيفة كان يميل إلى إبراهيم بن عبد الله عندما قام بثورته في البصرة.

وأبـو حنيفة النعمان بن ثابـت كـان مـن الموالـي هـذا ولو أن أصحابه وتلاميذه سيضعـون لـه نسباً يرجع إلى ملـوك آل ساسان.

وعاش أبو حنيفـة فـي الكوفـة وكـان يشتغـل بـتجـارة الحرير، وتوفي أبو حنيفة في سنـة ١٥٠هـ / ٧٦٧م في بغداد. وكـان قد قام بإلقـاء الدروس فـي الكوفة وكان لـه آراؤه الفقهية وفتاويه. وتتميــز مدرسـة أبـو حنيفـة فـي التوسـع فـي استعمال


  1. ابن الأثيـر، الكامـل، ج ٥، ص ٤٦.