صفحة:مجلة المنار - المجلد 01.djvu/6

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٦
مقدمة الطبعة الثانية للمجلد الأول من المنار

هو آت، ونكتفي في اكثر المسائل بالإجمال، لتنهي النفوس لطلب التفصيل، وقلما جرينا فيها على شيء ثم تبين لنا خطأنا فيه الا ما اشرنا اليه في هوامش هذه الطبعة واكثره في المسائل السياسية، المتعلقة بحال الدولة العلية ، ومن البديعي أننا ازددا علما وخبرا في جميع المسائل بطول البحث والتمحيص والوقوف على آراء الناس وأحوالهم

قد اقتبسنا أسلوب الاجمال قبل التفصيل، وقرع الاذهان بالخطابيات الصادعة من القرآن الحكيم، فان اكثر السور المكية لاسيما المنزلة في اوائل البعثة قوارع تصبح الجنان ، وتصدع الوجدان ، وتفزع القلوب الى استشمار الخوف ، وتدع المقول الى اطالة الفكر ، في الخطبين الغائب والعتيد ، والخطرين القريب والبعيد، وهما عذاب الدنيا بالابادة والاستئصال ، او الفتح الذاهب بالاستقلال، وعذاب الآخرة وهو اشد واقوى ، وأنكى وأخرى ، بكل من هذا وذاك أنذرت السور المكية اولئك المخاطبين اذا أصروا على شركهم، ولم يرجعوا بدعوة الاسلام عن ضلالهم وافكهم، ويأخذوا يتلك الاصول المجملة ، التي هي الحنيفية السمحة السهلة ، وليست بالشيء الذي ينكره العقل ، او يستثقله الطبع ، وانما ذلك تقليد الآباء والأجداد ، يصرف الناس عن سبيل الهدى والرشاد ،

راجع تلك السور العزيزة لاسيما قصار المفصل منها كالحاقه ما الحاقة، والقارعة ما القارعة ، واذا وقعت الواقعة ، واذا الشمس كورت ، واذا السماء انفطرت، واذا السماء انشقت، واذا زلزلت الارض زلزالها، والذاريات ذروا، والمرسلات عرفا، والنازعات غرقا ،

تلك السور التي كانت بذرها ، وفهم القوم لبلاغتها وعبرها،